الثلاثاء، ٢٢ يوليو ٢٠٠٨

الإمبريالية كرسالة أخلاقية.. انجلترا نموذجًا... 2


الخطاب الإمبريالى البريطانى: جدول الفئات الحضارية والإختراع العنصري للعالم



تصنيف حضارى


( المتحضرة ) " فئة 1"

العالم الأول


( البربرية ) " فئة 2"

العالم الثانى


( المتوحشة ) " فئة 3"

العالم الثالث

الدول


بريطانيا فى قمة الفئة الأولى، وأوروبا الغربية فى الفئة الأولى


مثل: الإمبراطورية العثمانية، الصين، سيام واليابان


مثل: أفريقيا، استراليا ونيوزيلندا

لون العرق

المزاج

الخصائص المناخية

الخصائص الإنسانية

نظرية الاستبداد الشرقى

نظرية بيتربان

مبادئ الشرعية الإجتماعية

مبادئ الشرعية السياسية


الأبيض

منضبط / يعمل بكد

بارد ورطب


مسيحى

ديمقراطية – ليبرالية – حرية – فردية – عقلانية

أبوى / ذكورى، مستقل، مبتكر، عقلانى

البريطانيون كشعب مختار، أو العرق السيد


ذو سيادة ( مساحة مسكونة ذات حدود )


الأصفر

كئيب / سوداوى / قاس

جاف واستوائى

( مسلم = وثنى )

استبداد – عبودية – جماعية – لا عقلانية

مراهق / نسوى، مُقلد، غريب وغير عقلانى

شعب منحط

بدون سيادة / حكم إمبريالى غير مباشر (مساحة مسكونة بدون حدود )


الأسود

لا مبال / منحل

مجدب

ملحد / وثنى

استبداد الحكومة أو غيابها، جماعية، لا عقلانية

طفولى/ نسوى، اعتمادى، لا مبال، غير عقلانى

الإنسان الطبيعى فى الحالة الطبيعية الأولى

أرض دون صاحب / حكم إمبريالى مباشر ( أراض غير مأهولة أو ضائعة

النوعية الحضارية الناتجة


طبيعية


منحرفة


منحرفة

المصدر: كتاب الجذور الشرقية للحضارة الغربية
بروفيسور جون هوبسون - أستاذ العلاقات الدولية فى جامعة شيفيلد
ص261
اصدارات مكتبة الأسرة 2007

** ** **

قبل أنا أشرح تأثير المرحلة الثانية - مرحلة العنصرية العلمية - على الحركة الاستعمارية الأوربية، أود أن ننظر لتأثير ذلك نموذج مستعمرة شهير وهو القارة الأفريقية، حتى يتم تطبيق ما سأقوله بعد ذلك عليها

** ** **
"
كانت الإمبراطورية البريطانية بمثابة بناء فذ من التجارة الأمريكية والقوة البحرية البريطانية مشيد على أساسات أفريقية "
melaky Postlethwaite

** ** **

" إننا لن نسمح بأى حالٍ من الأحوال بعرقلة هذا النشاط الذى ثبت أنه عظيم الفائدة لشعبنا "
وزير المستعمرات البريطانى "Darthmauth" معلقًا على دعوات بعض الانسانيين بضرورة وقف تجارة الرقيق

** ** **

.. وكانت قافلة الرقيق تصل الى الساحل - بعد الغارات الأوروبية على القرى الآمنة لجلبهم - سيرًا على الأقدام، وتتكون من الرجال والنساء والأولاد، ولكن الرجال كانوا يكونون الأغلبية العظمى. وكانوا يربطون بالحبال كل اثنين معًا، ويمتد خط الرقيق الى عدة مئات من الأمتار، وكل صفين متتابعين أو أكثر كان يجمعهم عمود كبير من الخشب Slave Stik يربط الى أعناق الرقيق متتابعين، وقد تطلق أيديهم ليتاح لهم أن يحملوا على رؤوسهم بعض الأغذية أو السلع التجارية الأخرى التى تسير معهم، كالعاج والذهب، وخلف كل جماعة من العبيد فرد أو أكثر يتولى مراقبتهم وبيده سوط لا يتوانى عن ضربهم به وبقسوة بالغة، فى حال تقاعسهم عن السير.
وكان الضعفاء يسقطون اعياءًا نتيجة لعدم وجود قدر من الأغذية أو الرعاية الصحية، فيقتلون أو يتركون ليلقوا مصرعهم على الطريق. وقد ظلت عظام هؤلاء المساكين الذين لقوا حتفهم فى الطريق علامات بارزة توضح الطرق التى سلكها هؤلاء التعساء حتى القرن 19 .
وكانت هناك 3 طرق تسير عليها السفن فى المحيط الأطلسى، أولها الطريق الشمالى الذى كان يتجه الى الشاطئ الشرقى لأمريكا الشمالية، والثانى هو الأوسط الذى يتجه الى جزر الهند الغربية، ثم الجنوبى الذى يتجه الى ساحل البرازيل الشرقى.
أما السفن البريطانية فقد كانت لها رحلة خاصة سميت باسم " المثلث الدموى "، تخرج السفن من بريطانيا حاملة منتجاتها الصناعية الى غرب وجنوب أفريقيا ثم تخرج منها مستبدلة شحنتها بالعبيد الى سواحل جزر الهند الغربية، فتستبدلهم هناك بمنتجات هذه البلاد من قصب السكر والبن عائدة الى بريطانيا.
وكانت الرحلة عبر الأطلنطى بالغة القسوة، لا مثيل لها فى أهوالها، ويصعب على العقل أن يتخيلها، فعلى سبيل المثال كان العبيد الذين يشحنون من أنجولا يموت منهم ما بين 20% : 30% من إجمالى الأعداد التى يتم شحنها بسبب المرض أو الانتحار أو الاختناق داخل سفن العبيد نتيجة لتكدسهم بأعداد ضخمة تفوق مقدرة استيعاب هذه السفن.
وقد أشارت بعض الدراسات التى تعرضت الى هذه التجارة البشعة الى أن القارة الأفريقية فقدت ما يربو على المائة مليون أفريقى، مما يوضح بجلاء ما تعرضت له القارة من عمليات نزح بشرية رهيبة، أثرت بدورها على تلك المجموعات الأمنة اجتماعيًا واقتصاديًا. وكانت الخسارة الضخمة لقوة العمل الأفريقية تمثل خطورة كبيرة لأنها غالبًا كانت تشكل من الرجال والنساء اللائقين بدنيًا وصحيًا، وكان تجار الرقيق يفضلون دومًا أن يكون ضحاياهم فى أعمار تترواح ما بين 15 :35 عامًا.
وكانت سفن العبيد قد تم بناؤها وفقًا لوضع خاص، فقد كانت صغيرة الحجم قليلة الحمولة، وكانت مقسمة تقسيمًا أفقيًا على هيئة أرفف عرض الواحد منها 3 أقدام يوضع عليها الرقيق وأيديهم مصفدة بعد أن يتم توزيعه على جانبى السفينة فكان الرجل فى ناحية والنساء فى الناحية الأخرى ومعهن أولادهم.
وإذا كان الربح يتضاعف كلما زاد العدد، فقد كانت السفن تحمل أكبر عدد ممكن حتى قد لا يتمكن الرقيق من الدوران حول أنفسهم، وكانت السفينة التى تبلغ حمولتها 150 طنًا تحمل أكثر من 600 عبد.

وفيما يتعلق بانجلترا التى قدر لها أن تلعب دورًا هامًا وحيويًا فى هذه التجارة البشعة، فقد كانت أول محاولة من جانبها للوصول الى الدنيا الجديدة، تلك التى قام بها " Sir. Wallter Raly " عندما قام بتأسيس أو مستعمرة بريطانية هناك أطلق عليها اسم " Virginia " ثم أخذت بريطانيا تتوسع فى استعمار أمريكا وجزر البحر الكاريبى ( جزر الهند الغربية )

وفى محاولة من بريطانيا لكسر إحتكار البرتغال لمكاسب تجارة الرقيق الأفريقى، تألفت العديد من الشركات البريطانية، منها " شركة المغامريين الملكيين لأفريقيا " والتى تأسست نتيجة لتدعيم الملك شارل الثانى لمجموعة من التجار الانجليز ومنحهم امتياز الاتجار مع أفريقيا، وتكوين شركة لهذا الغرض، وقد تغير اسم الشركة فى عام 1672 الى " الشركة الافريقية الملكية " والتى كان ملك انجلترا ذاته من بين حملة أسهمها ومؤسسيها، وأنيط بهذه الشركة مد المستعمرات البريطانية ب 3000 عبد سنويًا على أن يكون ثمن العبد معادلاً لثمن طن واحد من السكر آنذاك ( 17 جنيهًا استرلينيًا ).
ومما هو جدير بالملاحظة والذكر أن الشركات البريطانية كانت تعمل أولاً فى حقل تجارة الذهب، ثم بدأت تتجه الى تجارة الرقيق منذ عام 1663 عندما حصلت شركة المغامرين على إمتياز العمل والاتجار فى أفريقيا، كما حصلت على عقود تتيح لها تصدير الرقيق الافريقى الى المستعمرات الاسبانية والبريطانية عبر المحيط. وقد بلغ عدد الرقيق الذى ارسل الى المستعمرات البريطانية فى العالم الجديد فيما بين عامى 1680 : 1786 نحو مليونين ونصف المليون من الرقيق، وكان عدد من يصل أحياء من هؤلاء لا يتعدى النصف نتيجة لظروف الرحلة الكارثية التى كان يتعرض لها هؤلاء التعساء.
وكان للرقيق الافريقى الدور الأعظم فى الثورة الصناعية فى انجلترا خصوصًا وأوروبا عامة، فانه إذا كانت حركة الكشوف الجغرافية هى التى مهدت للثورة التجارية التى قامت بدورها بجلب الرقيق الى انجلترا وكانت عظامهم ودمائهم هى وقود أفران الثورة الصناعية الانجليزية التى قامت بدورها بدفع عجلة الاستعمار نحو القارة الافريقية سريعًا، فأصبح أكثر شراسة وضراوة وأشد نهمًا من ذى قبل، بعد إذ اكتشفوا أن القارة تمتلك الكثير من الموارد الطبيعية والتعدينية التى تحتاجها مصانع أوربا.
وقد تجلت قمة التعبير عن الموقف العنصرى البريطانى الكامن فى تحويل الأيدى العاملة السوداء الى سلعة عن طريق تجارة الرقيق، فتجارة العبيد من الزنوج والأفارقة بشكل عام مكنت الصناعة البريطانية من التقدم - على الأقل - فى 7 سبل رئيسية نلخصها فيما يلى:
1- تتمثل المساهمة الأولى فى المكاسب التى نتجت عن طريق العبيد، وقد قلل( Roger Anesty ) و ( Stanley Ingerman) الخبير الاقتصادي من جامعة روشستر من ذلك بادعاء أن المكاسب من تلك التجارة كانت قليلة جدًا اذا ما قيست كنسبة من الاستثمار والدخل القومى ( الجدل بالنسب الضئيلة ). ومع ذلك وتعليقًا على بيانات (انجرمان ) تجادل ( بربارة سولو ) بأنه فى عام 1770 شكلت المكاسب من تجارة الرقيق ما يقرب من 8% من إجمالى الاستثمار، و 39% من إجمالى الاستثمار التجارى والصناعى.. هذه النسب ليست نسب ضئيلة، بل هى نسب ضخمة جدًا، ولغرض المقارنة أضيف أنه فى عام 1980 فى الولايات المتحدة الأمريكية بلغت نسبة المجموع المشترك للأرباح المحلية الى الاستثمارات الخاص 40%، فضلاً عن ذلك، لا توجد صناعة أمريكية وحيدة اليوم تحقق أرباحًا تصل الى 8% من مجموع الاستثمارات. ويكفى فى هذا الصدد أن نعرف أنه بلغت المكاسب من تجارة العبيد فى أعوام 1784 : 1786 كنسبة من الاستثمار البريطانى الكلى ثلاثة أضعاف النسبة التى مثلتها صناعة السيارات الأمريكية فى الاستثمار الأمريكى ككل، وذلك بعدها بمائتى عام!
ورغم ذلك نجد تقدير (Roger Anesty) لأرباح تجارة العبيد لا تزال أكثر بخلاً مما قدمه (Ingerman ) الذى تشير بياناته الى أن الأرباح شكلت 11,.% فقط من الدخل القومى، وهى نسبة تثير ما يكفى من السخرية لتحطيم أهمية الدور الذى لعبته تجارة العبيد فى تمويل الثورة الصناعية البريطانية.
والمهم أن ما تحجبه هذه الأرقام هو تطبيق جدال ( النسب الضئيلة ) بنفس الطريقة على مستويات الاستثمار الرئيسية فى صناعات القطن والحديد ، والتى كانت القاطرة بالنسبة للصناعة البريطانية، وبالفعل شكلت مستويات الاستثمار فى هاتين الصناعتين بشكل فردى نحو 22,.% من الدخل القومى فى الفترة ما بين 1780 : 1800.
لاحظ أيضًا أن ليفربول كانت على مقربة من صناعة القطن فى لانكشاير، مما أتاح منفذًا جاهزًا لبعض المال المتراكم ومما يلفت النظر أنه بافتراض نسبة إدخار تصل الى 7% من الدخل القومى، نستخلص أن أرباح تجارة الرقيق كانت قد رفعت إجمالى الاستثمارات الى بنسبة 11, غير ذات الشأن إلا أن هذه الأرقام لا تعكس بدقة علاقة الأرباح بالاستثمار، والتى سوف تكون أقوى من ذلك. وإذا افترضنا أن 50% من الأرباح ذهبت الى صناعة القطن، فإن ذلك كان سيمول مابين 25% : 30% من مجموع الاستثمارات الصناعية، وهى أرقام تشير الى نظرية ( النسب الكبيرة ).
فى كلتا الحالتين فإن المشكلة الملحة مع هذا الجدال تكمن فى أن يقدر أثر الرقيق الأسود على الصناعة البريطانية من خلال أرباح تجارة العبيد فقط. ومن ثم يفترض أنه لو كانت أرباح تجارة العبيد غير هامة بالنسبة للصناعة، فإن نفس الشئ يسرى على تجارة العبيد نفسها. واكن يغفل هذا الافتراض المساهمات العديدة التى قدمتها الأيدى العاملة السوداء،بالاضافة الى الأرباح وما نتج عنها، والتى كانت لها أهميتها للصناعة البريطانية فيما لا يقل عن 6 مجالات أخرى.
2- مساهمة أفريقية ثانية تتمثل فى إعادة استثمار الأرباح الناتجة عن استغلال ملاك المستعمرات من البريطانيين للأيدى العاملة السوداء فى الأمريكيتين.
فبعد عام 1750 كان العديد من مزارع ( عمالة ) العبيد السود مملوكة لأصحاب أراض من البريطانيين المتغيبين. كان ذلك يعنى أن الأرباح الأساسية الناتجة عن صادرات تجارة المستعمرات وجدت منفذًا مباشرًا فى الصناعة البريطانية. ومن الأهمية ذكر أنه بنهاية القرن 18 بلغ الدخل من من الأملاك الاستعمارية 50% من إجمالى الاستثمار البريطانى. وباعتبار أن الكثير من ذلك كان يمكن إعادة استثماره فى الصناعة البريطانية، فإن ذلك وحده كان يمكن أن يوفر إضافة هائلة للصناعة. علاوة على ذلك، فى 1770 شكلت الأرباح من تجارة التصدير من جزر الهند الغربية وحدها 38% من مجموع الاستثمارات البريطانية الخاصة أو 2.5% من الدخل القومى.
يعنى هذا أنه كان يمكن أخذ 15% فقط من هذا المبلغ لتمويل جميع استثمارات صناعة القطن البريطانية ( هذه هى نظرية " النسب الكبيرة ").
3- المساهمة الأفريقية الثالثة هى أنه فى عام 1801 على سبيل المثال، قام صافى عائدات الصادرات البريطانية بإعالة ما يقرب من نصف القوى العالملة غير الزراعية فى انجلترا وويلز. كان حوالى 60% من تلك التجارة فى ذلك الوقت مع منطقة تركز العبيد الأمريكيين والعبيد الأفارقة، ويعنى ذلك أن المستهلكين الزنوج والعبيد السود قاموا بإعالة حوالى ثلث مجموع القوى العاملة غير الزراعية فى انجلترا بالإضافة الى سكان ويلز. ويعتبر هذا وحده مساهمة ضخمة جدًا.
فضلاً عن ذلك لو أن العمال الانجليز و( الولش- The Walsh ( سكان ويلز ) ) الذين عالهم الزنوج قاموا برد8% من دخلهم ( نسبة الإدخار الشخصى المحلية السائدة )، لمول ذلك وحده ما يقل قليلاً عن نصف إجمالى الاستثمار فى صناعة القطن، وهى علامة أخرى على نظرية ( النسب الكبيرة ).
4- نجد مساهمة متميزة من العبيد الزنوج فى إمداد مستعمرات الأطلنطى للصناعة البريطانية بالمواد الخام والخدمات ومن الأهمية هنا ذكر أنه فى نهاية القرن 18 بلغت نسبة السلع / المواد الخام المنتجة بيد الأفارقة فى الأمريكات نسبة كبيرة بلغت83% ( وبقيت عند 69% عام 1850).
الأكثر بروزًا هنا هو توفير القطن الخام الذى كان ينتج فى الأمريكات بواسطة العبيد السود بشكل شبه حصرى. ومع ذلك إدعى (إنجرمان) أن قيمة الناتج من تجارة العبيد لم يشكل نسبة ذات شأن من الدخل القومى البريطانى ( جدل النسب الضئيلة ).
إلا أنه بدون القطن الخام الذى أنتجه العبيد، لم يكن لصناعة القطن البريطانية أن تلعب هذا الدور المحورى فى الصناعة الانجليزية بوجه عام.
وبشكل له أهميته يشير (Kennith Pomeranz ) أنه عندما انقطعت صادرات القطن الأمريكية المعتمدة على عمال العبيد فى الفترة ما بين 1861 : 1962 ( خلال الحرب الأهلية الأمريكية ) إنخفض الاستهلاك البريطانى للقطن بنسبة 50% كما تضاعفت الأسعار. وخلال عام واحد فقط، خفضت مصانع لانكشاير ما لديها من أيدٍ عاملة الى النصف، كما أفلست العديد من الشركات. ومن اللافت هنا أن البريطانيين استجابوا لذلك بالتحول الى إمدادات القطن الخام المصرية ( بالإضافة الى وارادات القطن الخام الهندية )، وبذلك استمر اعتمادهم على الأيدى العاملة السوداء.
5- ساهم كل من تجارة العبيد والناتج من إنتاج العبيد فى تحفيز المالية البريطانية بشكل هائل. وقد توسع كل من بنك باركليز وبنك لويدز كنتيجة لبعض هذه الأرباح ( كما حدث لبنوك أخرى أصغر).
إنتعشت المؤسسات المالية البريطانية بشكل كبير نتيجة الاحتياج الشديد الى الائتمان ( بالاضافة الى التأمينات) من جانب مالكى العبيد وأصحاب مزارع العبيد من البريطانيين.
ويكفى أن نعرف أن حوافز التأمينات لتجارة العبيد وتجارة جزر الهند الغربية بلغت 63% من إجمالى سوق التأمين البحرى البريطانى.
6- تجلت مساهمة أفريقية سادسة للصناعة البريطانية فى إجمالى الأرباح الناتجة عن الصادرات البريطانية للإمبراطورية. وعلى سبيل المثال، فى أعوام 1784 - 1786 شكلت هذه الأرباح ما وصل الى 55% من إجمالى الاستثمار البريطانى، أو 64% من مجموع الاستثمارات الخاصة ( 80% من هذا الرقم يأتى من التجارة مع أفريقيا والأمريكات ).
تأتى أهمية ذلك من أن المبالغ المستثمرة فى صناعة القطن شكلت 4% فقط من مجموع الاستثمار البريطانى، ومن ثم سوف تأخذ 9% من الأرباح من التجارة الثلاثية - المثلث الدموى الذى أشرنا إليه بالأعلى - لتمويل إجمالى إستثمارات صناعات القطن. ومن الواضح أن نسبة 9% لهى رقم بخس للمبالغ غير الصافية الناتجة، التى غالبًا ما كانت ستتجه للاستثمار فى الصناعة البريطانية بوجه عام. وليس بأقل أهمية ذكر أن إجمالى أرباح التجارة الإمبريالية كان أكثر كثيرًا جدًا من المجموع الإجمالى للاستثمارات البريطانية، وذلك لأن الكثير من الصادرات التى اتجهت الى أوروبا كانت فى الواقع عبارة عن إعادة تصدير لمنتجات مستوردة من المستعمرات ( جاءت بشكل رئيسى من مستعمرات العبيد السود). معنى ذلك، أن الأمر كان يتطلب أقل بكثير من 9% من الأرباح الناشئة عن طريق المثلث التجارى من أجل تمويل صناعة القطن البريطانية. (ربما 6% فقط ).
7- وأخيرًا تكمن مساهمة أفريقية سابعة فى واقع أن نظام التجارة الثلاثى لم يتح أرباحًا كبيرة فحسب، بل وفر أيضًا طلبًا كبيرًا على الصادرات البريطانية، لو لم يوجد لكانت الصناعة البريطانية تقيدت بشكل كبير، وبينما كانت هذه الأسواق هامة بالنسبة لأنواع عديدة من الصناعات، إلا أنها كانت مع ذلك أساسية بالنسبة لنشأة صناعتى الحديد والقطن شديدتى الأهمية بالنسبة لانجلترا فى ذلك الوقت.
** ** **
" سهول أمريكا الشمالية وروسيا هى حقولنا للقمح والذرة، شيكاجو وأوديسا حقولنا للحبوب، كندا والبلطيق هى غاباتنا للأخشاب، وتوجد فى استراليا مراعينا للأغنام، وفى الأرجنتين والبرارى الغربية لأمريكا الشمالية توجد قطعاننا من الثيران، تبعث بيرو بفضتها إلينا، ويتدفق ذهب جنوب أفريقيا واستراليا الى لندن، والهنود.... يزرعون لنا الشاى، بينما مستعمراتنا توفر لنا القهوة والسكر والبهارات التى تُزرع كلها فى أرجاء الهند... وحقولنا للقطن التى احتلت لفترة طويلة جنوب الولايات المتحدة، امتدت الآن لتصل الى كل الأجزاء الدافئة على الأرض... إن أجزاء الكرة الأرضية الأربعة ترغب فى الخضوع لنا "
** ** **
" لم يقدموا نسخًا كربونية من الاقتصاديات الصناعية الأوروبية. على العكس، بقيت المستعمرات بشكل أكثر زراعية. لقد كانت هناك لتدعم، وليس لتنافس النظام الصناعى الأوروبى، عن طريق الامداد بالمواد الغذائية والمواد الخام وتوفير أسواق للسلع المصنعة "

** ** **

" لقد تعرضنا للاضطهاد على نحو شديد، وواجهنا الاستغلال على نحو شديد، وتم تجاهلنا على نحو شديد "
مواطن أفريقي
** ** **
لم تقتصر المساهمات الأفريقية فى الرخاء والنهضة الأوروبية عند هذا الحد، فكما أوضحت سابقًا، كان العبيد الأفارقة هم الوقود الذى أشعل أفران الثورة الصناعية البريطانية التى كانت بدورها الدافع الأوحد للعودة الى القارة مرة أخرى ولكن لأجل ثرواتها الطبيعية هذه المرة. إنتهت تجارة العبيد بشكل نهائى حوالى عام 1865 وهذا يعنى أنها استمرت 350 عامًا تقريبًا ولم تكد تمر 20 عامًا حتى بدأت الموجة الثانية من الاستعمار الأوروبى للقارة السمراء، تلك الموجة التى غطت النصف الثانى من القرن 19 وحوالى النصف الأول من القرن 20 وتميز الاستعمار هذه المرة بانه استعمار سكنى، يختلف عن موجة الاستعمار الأولى التى كانت ساحلية جدًا، مدارية جدًا، وتهدف الى الاستغلال التجارى الأقصى فقط.
وكان مؤتمر برلين الذى دعا اليه " Bismarck " مستشار الرايخ الألمانى فى عام ( 1884 ) لمناقشة أزمة الكونغو، وإمكانية وضع قوانين دولية لتنظم الملاحة والتجارة فى أفريقيا الغربية هو إشارة البدء بسباق جنونى مسعور على القارة.. هذا هو التكالب المشهور ( Scramble for Africa ).
وقد افتتح مؤتمر برلين أعماله فى 15 نوفمبر 1884، واشتركت فيه ألمانيا وانجلترا وفرنسا والنمسا والمجر وبلجيكا والدانمارك وإيطاليا وهولندا والنرويج والسويد والبرتغال وروسيا وأسبانيا وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية. وبدأ هذا المؤتمر فى مناقشة مشكلات القارة الأفريقية، ثم أصدر فى 26 فبراير 1885 قراره النهائى الذى يتألف من 38 مادة، كان من بينها الإقرار بسياسة " الباب المفتوح " فى أفريقيا لجميع الدول المشاركة فى المؤتمر، والإعتراف بولاية الكونغو الحرة وحيادها تحت سيادة ليوبولد الثانى ملك بلجيكا، الى جانب حرية الملاحة فى نهر النيجر كذلك نصت قرارات المؤتمر - فيما نصت عليه من قرارات -، على أن ( تقوم كل دولة بإبلاغ الدول الأخرى عندما يتم لها إمتلاك جزء من الأراضى أو السواحل الأفريقية، من غير أملاكها الراهنة، أو عندما تقوم بتأسيس محمية لها ) وتضمن قرار أخر إعترافًا دوليًا بمبدأ " الإحتلال الفعلى أو مبدأ السلطة الفعلية " وكانت هذه المادة تهدف الى إلزام الدول التى تقوم باحتلال منطقة ما من الأراضى الأفريقية، أن تقيم فيها سلطة فعلية لضمان إستمرار حرية الملاحة والترانزيت.
وجاء الزحف الأوروبى المسعور كاسحًا بصورة لم تعرف فى التاريخ، حتى فى العالم الجديد، ففى غضون عقد واحد من انعقاد مؤتمر برلين كان قد تحدد كل شئ.
ففى عام 1893 كانت كل القارة قد اقتسمت بين القوى الأوروبية وانخفضت نسبت المساحة المستقلة فيها من 95% عام 1885 الى 8% عام 1910 !
هذا بينما فى آسيا لم يصل الإستعمار الى منتهى رقعته الا على مدى فترة طويلة، كما أنه لم يتعد فيها حده الأقصى الا قطاعًا معينًا فى القارة.
أما أفريقيا فانها تنفرد بين القارات الجنوبية بأنها الوحيدة التى خضع أغلبها للاستعمار. وفى وقت لم يكن هناك دولة مستقلة - ولكن شكليًا - الا ليبيريا.
وبهذا كانت أفريقيا هى القارة المستعمرة، أو المستعمرة القارة بالضرورة، كانت أكبر مستعمرة منفردة فى العالم، وأضخم معمل للتجارب الاستعمارية فى التاريخ.
والذى شارك فى هذا التكالب كان دول أوربا البحرية بالذات، لكن مع تخلف واستبعاد بعض القوى القديمة كهولندا والدانمارك ودخول بعض القوى الجديدة كألمانيا وإيطاليا وبلجيكا. وقد كان الصراع فى أفريقيا انعكاسًا للصراع فى أوربا، وتحددت نتائجه بأقدار وأوزان تلك القوى فى قارتها، كما أن هذه النتائج بدورها أكدت تلك الأقدار والأوزان والهيبة، فاما ضاعفتها واما أضعفتها. وفازت القوى الكبرى بنصيب الأسد، وخرجت القوى الصغرى بفتات المائدة.
ولقد كان الحد الأقصى من التوسع هو الهدف المباشر للجميع، يضاف اليه الوصول بقدر الامكان الى الأنهار الرئيسية، وإن أمكن كذلك تحقيق الاتصال الأرضى بين مستعمرات كل قوة. وفى إطار هذا التوجه، بدأ الهجوم على القارة من كل الجهات تقريبًا، وعدا القوة المباشرة كان للمقايضات الاقليمية والمساومات والمبادلات والتفاهمات دورها مثلما كان للعداوات والتحديات والمخالفات والمصادمات.
وبوجه عام كانت الصدامات الأكثر خطرًا هى تلك التى دارت بين القوى الكبرى كبريطانيا وفرنسا وألمانيا، بينما كانت القوى الصغرى تعتمد على نوع من الحماية من بعض القوى الكبرى ( مثل البرتغال بالنسبة الى بريطانيا ) وإما على " تحييد " القوى الكبرى لبعضهما البعض ( مثل بلجيكا بين بريطانيا وألمانيا ).
وقد بدأ التوغل ببريطانيا، وبدأت بريطانيا التوغل من قواعدها الساحلية فى غرب أفريقيا حيث حققت توسعًا " بحريًا " يتمثل فى عدة مستعمرات متوسطة الأحجام ولا تتعمق كثيرًا فى الداخل فضلاً عن أنها منفصلة عن بعضها البعض.
كذلك دخلت ألمانيا باسفينين منفصلين فى توجو والكاميرون. أما فرنسا فقد دخلت من الكوة أو البوابة الحقيقية لغرب أفريقيا وهى ذلك الشريط السفانى المحصور بين الصحراء شمالاً والغابة جنوبًا. وقد قادها ذلك الى الشارع الرئيسى للحركة فى غرب أفريقيا، فاندفعت فيه شرقًا واندفعت منه جنوبًا لتدخل اقليم غانا من الباب الخلفى، ولتملأ الفجوات الأرضية الواسعة بين الأسافين البريطانية والألمانية.
وبهذا أصبح النمط السياسى متداخلاً على التوالى كقطع الموزايكو: " مستعمرة فرنسية فبريطانية، ففرنسية فألمانية، ففرنسية فبريطانية، وهكذا.
وفى شرق أفريقيا بدأت انجلترا بمستعمرة فى كينيا وأوغندا، لم تلبث أن اتصلت بمستعمراتها النيلية فى الشمال. ولم تلبث ألمانيا أن ناظرتها بمستعمرة واسعة فى تنجانيقا، بينما أغلقت بلجيكا جذع القارة من الغرب بمستعمرتها الضخمة فى الكونغو.
والى الجنوب من هذا كانت البرتغال تتوسع من شريطيها الساحليين القديمين لتكون موزمبيق وأنجولا. وفى نفس الوقت كانت بريطانيا بعد أن انتزعت الكاب من هولندا أثناء الحروب النابوليونية - أخطأها البرتغاليون بصورة غريبة أثناء كشفهم للهند - فقد إتخذت منها رأس حربة للاندفاع الى قلب القارة شمالاً على طول العمود الفقرى للمرتفعات والهضاب السافانية. بينما ملأت ألمانيا الفراغ على الساحل الغربيى بين الكاب وأنجولا بجنوب غرب افريقيا.
وهنا حاولت كل من المانيا والبرتغال أن تصل ما بين أراضيها شرقًا وغربًا لتغلق الطريق على التوسع البريطانى: أمانيا ما بين تنجانيقا وجنوب غرب أفريقيا ، والبرتغال ما بين موزمبيق وأنجولا. ولكن كانت اليد العليا لبريطانيا، فنجحت فى أن تتمدد شمالاً عبر الروديسيتين.
وبعد هذا بدأت بريطانيا تتطلع الى حلم ضخم هو طريق ( الكاب - القاهرة ) فى محاولة عظمى لربط مستعمراتها فى أقصى شمال وجنوب القارة على محور طولى هضبى فى الجنوب نيلى فى الشمال.
وقد اصطدم هذا المشروع بمشروع مماثل - ولكنه عرضى - لفرنسا للتوسع على طول محور السافانا عبر السودان الأوسط حتى يصل عبر سودان النيل الى جيبها الصغير فى الصومال الفرنسى على البحر الأحمر.
وكان اللقاء بين الأسد والنمر فى سافانا فاشودة والتى حسمها فى الحقيقة توازن الأساطيل الحربية فى الأطلسى أكثر منه توازن الكتاب المتوغلة فى أفريقيا، فتراجعت فرنسا وتحطم محورها العرضى، ليسود المحور البريطانى الطولى، الا من حلقة فى شرق أفريقيا لم تلبث أن استكملت فى الحرب العالمية الأولى حين آلت تنجانيقا الى بريطانيا التى تقاسمت مع فرنسا مستعمرات ألمانيا المنهزمة.
ولم يبق بعد ذلك الا القرن الأفريقى الذى تتوسطه وتسوده الحبشة التى استطاعت بنوع من المضاربة أن تحتفظ باستقلالها الحرج نتيجة للصراع المثلث بين بريطانيا وفرنسا وإيطاليا هناك. وقد حدث فى الواقع نوع من التكالب يعرف بالتكالب الصغير أو التكالب الثانى، تقاسمت فيه القوى الثلاث الصومالات الثلاثة واريتريا. وحاولت إيطاليا غزو الحبشة ولكنها هزمت فى معركة عدوة، حتى عادت فى ثلاثينيات القرن 20، فسقط أخر معقل مستقل فى أفريقيا. إلا أن هزيمة إيطاليا الأولى لم تنس قط، وكانت صفعة لادعائتها الامبراطورية ولهيبتها فى ميدان القوة، إذ أنها كانت أول قوة أوروبية تهزم فى العصر الحديث على يد قوة غير أوروبية، وتسبق فى هذا هزيمة روسيا القيصرية على يد اليابان.
وإذا نحن الأن حللنا المحصلة النهائية للصراع كما أخذت شكلها النهائى بعد الحرب العالمية الأولى، فسنجد أن بريطانيا هى التى خرجت بنصيب الأسد مسيطرة على نحو 45% من القارة وموزعة فى وحدات كلها من أغنى مناطق أفريقيا طبيعيًا وتعدينيًا. إنها الإمبراطورية الثالثة لبريطانيا بعد أمريكا سابقًا والهند لاحقًا. ثم تلى فرنسا بنحو 21% من السكان فى مساحة مترامية، لكن رقعة ضخمة جدًا منها صحارى وأشباه صحارى. هذان اذن هما " الاستعمار الكبير"، ينتشر فى كل أركان القارة، وفى أغلب أقاليمها الطبيعية، فى النصف الشمالى والجنوبى، شرقًا وغربًا على السواء.
أما " الاستعمار الصغير " - وهو محلى التوزيع كقاعدة - فتمثله إيطاليا التى خرجت بصندوق من الرمال فى الأعم الأغلب، داخلى بقدر ما هو ساحلى، ويطل على البحرين الأحمر والمتوسط، ويتألف من 4 وحدات تلتئم فى كتلتين منفصلتين. وتأتى البرتغال بوحدتين كبيرتين واسفينيين قزميين. ولكن إذا كان الاستعمار الإيطالى هو أحدث استعمار فى القارة فإن الاستعمار البرتغالى هو أقدمها ( 5 قرون ). وإذا كانت مستعمرات إيطاليا لفقرها أعجز من أن تتلقى الاستعمار، فإن البرتغال على العكس كانت قوة أعجز من تتحمل أو تستثمر مستعمراتها. ومن الناحية الأخرى فإن امبراطورية أسبانيا فى أفريقيا لا تخرج عن امبراطورية جيوب وأسافين هزيلة فقيرة مشتتة ما بين المغرب وخليج بيافرا.
ولا يبقى بعد ذلك الا دول المستعمرة الواحدة. منها بلجيكا التى لم تملك فى العالم الى الكونغو، لكن الكونغو قد تكون أغنى مستعمرة فى أفريقيا اقتصاديًا ( يقرر المؤرخون أن الملك ليبولد الثانى ملك بجيكا قد جمع من الكونغو منذ بدء استعمارها وحتى 1906 حوالى 20 مليون دولار من تجارة المطاط والعاج، ويقدر البلجيكيون أن حجم رأس المال الأجنبى الذى تدفق الى الكونغو فيما بين عامى 1887 : 1953 قد بلغ 5700 مليون دولار، كما أن الأموال التى تم نزحها الى الخارج خلال الفترة ذاتها قد وصلت الى 4300 مليون دولار، هذا بالاضافة الى الأرباح التى تم الاحتفاظ بها داخل الكونغو! )
وكانت الكونغو تبلغ 50 مرة مساحة بلجيكا!
ثم هناك الولايات المتحدة مع ليبيريا، وكالمألوف مع الولايات ليس هذا استعمارًا رسمياً بل علاقة مثل عليا وفروسية سياسية، ترجع الى محاولة توطين الرقيق الأمريكى المحرر العائد، وتترجم فى الواقع الى استعمار غير رسمى كما يعترف الكتاب الأمريكيون أنفسهم.
يتبع..

هناك تعليقان (٢):

غير معرف يقول...

بحث جغرافيا سياسية اكثر من رائع ...تلميذ نجيب لجمال حمدان .

أحمد عبد الفتاح يقول...

جزاك الله خيرًا عزيزي حسن على المتابعة الإطراء..
وأتمنى أن أبلغ قريبًا هذه المرحلة، لازال الوقت مبكرًا حتى أقول أنى أصبحت تلميذًا لعبقري مثله..
فقط ربما أنا كما قال لى صديقى العزيز: محمد فوزي: أصبحت أحبه حب المريد لشيخه.