الخميس، ٣١ يناير ٢٠٠٨

عيد ميلاد بلون الحزن..

غريبة حقًا هى الأيام..
عيد ميلادى الفائت - التاسع عشر تحديدًا - كان أسعد أعياد الميلاد التى مرت بحياتى القصيرة.. مع أنى لا أحب الأرقام الفردية.. وأعتبر أن حياتى ترتبط بشكل ما بالرقم 2 وكل ما يمكنه القسمة عليه.. أى الأرقام الزوجية.. وأعتبر أيضًا أن رقم 2 هو رقم حظى.. لكن عيد ميلادى الفائت كان استثناءًا..
استثناءًا سعيدًا كما ظننت وقتها.. وظل سعيدًا الى أواخر نوفمبر الماضى..
لكن..
وأه من لكن هذه.. من قال أن الأيام يمكن أن تدوم على حال..
من الأحمق الذى يمكنه الركون اليها والاطمئنان..
حسنًا.. كنت ذلك الأحمق..
تعلمت الدرس القاسى.. تحملت ولا أدرى كيف تغلبت على طبيعتى التى دعتنى ألف مرة الى الانتقام..
وهذا العام..
يأتى عيد ميلادى .. فى ميعاده..
لم يتأخر.. لكنه هذه المرة أتى لى بالذكريات الأليمة
1/2/2008 يختلف بكل تأكيد عن 1/2/2007
اليوم أكمل العام ال20 من عمرى..
غريب هو عمرى حقًا..
أول 15 عام منه قضيتها فى قوقعة.. لا أفعل شيئًا تقريبًا سوى القراءة..
حسنًا..
ليس هذا شيئًا جيدًا كما يَظن..
الثلاث سنوات التالية كانت بداية الخروج من القوقعة.. فعلت كل شئ ممكن تقريبًا لطالب فى الثانوى!
من باب التجريب.. من باب الاستمتاع بالشمس بعد الخروج من القوقعة.. حقًا لا أعرف
لكن هذا - صدقًا - ما حدث.
العامين الفائتين هما أسعد أعوام حياتى.. هما عامين الا شهرين تحديدًا
والشهرين الأخيرين هما أقسى أيام حياتى وأكثرها حزنًا..
وبردًا..
1/2/2008:1/2/1988
أقف الأن على حافة من حواف عمرى التى لا أعرف عددها..
ما مضى من حياتى أشبه بغيمة رمادية باهتة.. وما هو قادم مجهول
والمجهول أسود ما لم نسلط عليه كشافات العقل..
أنوى التعقل.. فليساعدنى الله
و..
رغم كل شئ..
Happy Birth Day 2 Me

*****
"بالفناجين مكتوبة الأسرار
مكتوب المشوار.. مخباية العيون
عيون اللى بيحبونا.. عيون اللى بيعشقونا
والعيون اللى بدها تغدر بينا"

تمنوا لى فنجانًا سعيدًا


الثلاثاء، ٢٩ يناير ٢٠٠٨

إشكالية الفن.. "فيلم (حين ميسرة) كنموذج"

ليست هذه التدوينة تنازلاً كاملاً عن رأيي السابق الذى أعلنته هنا، لكنى أعتقد الأن أن هذا الراى قد تلقى هزة ما أو على الأقل لم يعد بامكانى التحدث بذات الطريقة الساخرة السابقة.
ذات مرة سمعت مقولة للمخرجة ايناس الدغيدى مؤداها أنه "لايمكن محاسبة الفن - السينما خصوصا - بالمقاييس الأخلاقية"..
طبعا ايناس الدغيدى هى أخر من أسمع منه عن الأخلاق لكنى أجد نفسى مضطرا الأن الى اعادة التفكير فى تلك الجملة!
لماذا؟
منذ فترة دخلت فيلم "حين ميسرة" للمخرج خالد يوسف..
الفيلم يتناول بواقعية شديدة - للأسف أنا متأكد من هذا - حياة العشش والعشوائيات..
ثمة رواية هى "فاصل للدهشة" تتحدث عن ذات الواقع الملئ بحوادث زنا المحارم والزنا العادى والسرقة والقتل وكل الموبقات التى يمكن تخيلها.. "يمكننا تخيل مدى بشاعة أن يعمل رجل قوادا لزوجته"
هكذا..
وعلى هذا يمكننا أن نقول أن سمية الخشاب قضت الفيلم شبه عارية تمارس الجنس أو السحاق أو تغتصب أو - على الأقل - ترقص
هذا واقع يحدث.. وأنا متأكد من هذا..!
الفيلم مؤلم جدا وسبب ألمه الشديد بالنسبة لى هى واقعيته التى قد تدفعنى قريبا لعمل أى شئ للتخفيف عن هؤلاء المطحونين..
وهنا تقع الاشكالية..
ظنى أنه يجدر بنا الأن القاء سؤالين هامين جدا:
1- هل يحاسب الله الناس بمقاييس جامدة لما هو صحيح وما هو خطأ، "1+1=2"
2- هل اذا تحرك أحد شاهد هذا الفيلم لمساعدة هؤلاء المطحونين فان ذلك سيوضع فى ميزان سمية الخشاب مثلا؟
سؤالين أعتقد أن اجابتهما ستحددان أشياء كثيرة وستساعدنا أن نقترب أكثر من الاعتدال فى تناول هذه المسائل الشائكة جدا..


الاثنين، ٢٨ يناير ٢٠٠٨

شيمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاء

شيماء لم تدرك قواعد اللعبة جيدا بالتأكيد..هذه الأمور لاهزر فيها أبدا، كهجرات الطيور..كعمليات المخابرات؛ لابد من موعد سليم لا يتقدم ولا يتأخر، لكن الصغار أو _بالأحرى_ الأنا الخالصة التى تملأ كيانهم لا تهتم بكل هذا الهراء_من وجهة نظرها_ عندما يتعلق الأمر بالمتعة.
وحينما كانت صديقاتها يتحدثن_دون خجل_ عن الموضوع والمتعة التى تستبعه كانت تنظر اليهن بانبهار ممزوج بالشك الذى يتحول فيما بعد الى دهشة حينما تنفرد بنفسها وتفكر توطئة لأن تتساءل:كيف جرؤن على الحكى؟! فضلا عن الفعل..ثم تبدأ شكوكها فى الفوران مرة أخرى
هل يلعبن عليها لعبة ما؟
هل يقلن هذا ليدفعنها الى التجربة؟!
لا تعتقد أنهن بمثل هذه القسوة..دعك من أن نظرات المتعة _التى تكاد اشعاعات نيرانها المنبعثة من عيونهن أن تحرقها_ تشى بكل وضوح أنهن صادقات، هذه ليست متعة كاذبة..هذه متعة تريد أن تكرر!
اذا فالأمر حقيقى..لم تتيقن شيماء من هذا الا حين دعتها احداهن للتجربة بنفسها.
الفكرة نفسها لم تكن جديدة عليها_وان لم تظهر ذلك لصديقاتها فى وقته_ بل انها حينما عرض عليها ذلك الاقتراح الأثم_للمرة الأولى_ لم تتردد فى اظهار الغضب والسخط اللازمين فى وجه صديقتها..بيد أنه أنه مع طول الملازمة واستمرار الالحاح والصطدام بالنظرات المستمتعة لم يبد لها الأمر بهذا السوء الذى ظنته فى البداية..
ثم ان الأمر_كما يقولون_ سهل جدا، والطرف الأخر يعرف حدوده تماما ولا يمكن أن يذهب بنفسه وبها الى الطريق الذى لا عودة منه ولا اصلاح له.
بعد أسبوعين من العرض الذى قدم له أول مرة باتت شيماء مستعدة للتفكير فى الأمر بشكل جدى..استيقظت فى نفسها دوافع البحث عن كل جديد والسعى وراء كل غريب وان أخفت ل هذا بقناع من الجدية فرضه عليها المجتمع باعتبار أنها أنثى ومراهقة.
دعك من أن بالأمر متعة كما يقولون، فلابد أنها متعة عظيمة تلك التى تجعلهم يلحون ويبالغون فى الحاحهم عليها لقبول الأمر ولتجرب بنفسها..
وتحول السخط الذى حاولت أن تقنعهم وتقنع نفسها بصدقه فى البداية الى شغف شديد للتجربة واقبالا كبيرا على هذه المتعة مدفوعة الى ذلك بحبها لكل جديد وممتع ثم _وهذا هو الأهم_ رغبتها فى كسر كل تلك الحواجز التى وضعتها التقاليد عليها حتى وان كان ذلك ضارا بها فبدت أشبه بسهم مشدود على وتر قوس عظيم، اذ ينفلت فجأة فينطلق مخترقا كل الحواجز متحررا من كل القيود، غير عابئ أو مهتم.
والأمر_كما يدعون_ سهل جدا، اذ أن كل ما عليها هو تغيير مسارها الطبيعى فى الصباح من المدرسة الى الحديقة_أشهر حديقة بمصر_مع بعض الماكياج البسيط، كما أنه ليس ضروريا أن تخلع حجابها اذ لم يعد دليلا على الاحترام.
لذا..
نجدها بعد أن اتفقت مع صديقاتها على الذهاب وحدها دون مرافقتهن قد غيرت مسارها الشارع الكبير المفضى الى الحديقة ووقفت على بابها وتظاهرت بأنها ليست طعما لاصطياد أحدهم..
و(هو)كان قادما من بعيد..
رأته وهو قادم يحمل وجهه أثار توتر خفيف _رأتها على البعد_ لابد أنه نتج عن خوفه أن يكون أحدهم قد رأه وهو يقفز من فوق سور مدرسته الثانوية المجاورة وان حل محل هذا التوتر الأن اهتماما غزا وجهه وهو يتطلع اليها بحذر مقتربا ثم مبتعدا متظاهرا بالضحك قليلا مع أصدقائه ولن لم تغب عن عينيه لحظة حتى تأكد من أنها هى المختارة فتقدم وعينه فى عينيها سائلا اياها مقتحما: اسمك ايه يابت؟
* * * *
يجدر بنا التوقف هنا لاجلاء الغبار عن حقيقتين هامتين:
أولا:هو لم يكن صيادا ماهرا، ليس صيادا على الاطلاق..هناك الأسد، أقوى حيوانات الغابة وأسلوبه فالصيد مباشر للغاية فهو يجرى وراء الفريسة حتى يرهقها فتقع فى يديه وبين أنيابه وهناك الثعلب..ليس بمثل قوة الأسد لكنه أذكى منه بالتأكيد وهو يستخدم ذكاءه هذا فى الايقاع بفريسته فيختبئ لها ويحاول أن يفاجئها بهجومه فتشلها المفاجأة وتمنعها التفكير ثم الحركة للحظات يكون هو فيها قد أنهى الأمر..وهناك الضبع أجبن حيوانات الغابة، لا يتغذى الا على الجيف والميت والمريض من الحيوانات مما يعف عنه الأسد بشرفه والثعلب بذكائه..
وهى_فى لحظة التعارف_ كانت تمثل لروح الضبع الجبان بداخله جيفة ملقاة على جانب الطريق يعف عنها كل عاقل وما كان استخدامه لهذا الاسلوب المقتحم الا لتأكده من قبولها ذلك لأن وجودها فى هذا المكان فى تلك الساعة لهو دليل دامغ على أنها تعرف ما تريد وهو يعرفه بكل تأكيد..
دعك من أنها ليست جيفة سيئة..
فخصلة شعرها التى أصرت على اظهارها من تحت "الايشارب" تقول أنها تملك شعرا بهيم الصبغة ينسدل على جبهة واسعة بيضاء تحفها من أسفل الرموش الطويلة حامية عينين بلون الشعر ثم شفتان لا بأس بهما الى الذقن المدبب صغير الحجم.

ثانيا:هى_رغم أنها تراه للمرة الأولى_الا أنها تعرف عنه كل شئ تقريبا باستثناء اسمه طبعا قالت لها صديقاتها: هم يتشابهون فى كل شئ.. يعتقدن أن هناك مصنعا ينتج هذه النوعية من البشر بالدستة.. وهو كما وصفوه لها تماما.. يتظاهر بالاناقة بملابس صارخة الألوان مليئة بالعبارات البذيئة المكتوبة بكل اللغات الممكنة.. يتظاهر بخفة الدم بنكات ولا أقذر منه ثم يتبعها بلمسات حساسة ستبدو عفوية فى البداية ثم تنقلب الى لمسات وقحة مع استمرار السكوت من جانبها الطوق البلاستيكى الرخيص الذى يحيط به رقبته، ثم _وهذا هو الأهم_ لابد من "جيل"رخيص لا يثبت تسريحته الغربية بقدر ما يملأ شعره قشورا بيضاء..
حتى نقوده التى سيخرجها عما قليل ليدعوها الى أى طعام رخيص داخل الحديقة تعرف من أين أتى بها، فلابد أنه سرق أحد أبويه فعليا أو سرقهما بأن لم يذهب الى درسه الخصوصى واستبقى النقود لنفسه.. كل هذا وأكثر كانت تعرفه عنه، والخلاصة أنها كانت تحتقره أشد احتقار ومع ذلك فقد صممت على اكمال المشوار الى نهايته!
* * * *
وبما أنها قررت الاستمرار_رغم الكره_ فقد وجب عليها تحمل كل سخافاته.. هو أيضا..كان يمارس دوره كضبع جبان بمنتهى الاتقان..وربما هى الغريزة الحيوانية هى التى تحركه الأن وتتحكم حتى فى رسم التعبيرات على وجهه. يتقرب اليها..ثم يبتعد.. يختبر_بخبرته الانحرافية الطويلة_ ردود أفعالها تجاه تصرفاته ولمساته.. يحاول_كما الضبع_أن يتشمم جيفته الجديدة..
هل بها أثر من حياة؟

هل يمكن أن تقاوم؟
أم أنها تريد ذلك وتنتظره؟!
لم يعرض عليها عرضه فى أول لقاء، مما أصابها بخيبة أمل كبيرة دفعتها الى التفكير فى الغاء الفكرة كلها لكنها_تأثرا بمتعة التخلص من القيود_قررت ان تستمر للقاء أو لقائين اخرين ثم انها عرفت حينما حكت لصديقاتها أن هذا سلوكا طبيعيا فى بداية التعارف حتى يعلم ماهى اتجاهاتها،هل تريد مجرد لقاءات عادية أم أنها تريد_وتستطيع_اكمال المشوار لنهايته.. استمر على حاله المترقبة هذه،الكر والفر ، القرب والبعد، اللف والدوران حول طلبه وسؤاله حتى قرر أن يحسم الموضوع بعد أن فارت الدماء فى عروقه ولم يعد قادرا على الاستمرار، فسألها:
_ايه رأيك لو ندخل بيت الحرس القديم؟
لم ترد لكنها ابتسمت و سبقته الى الطريق كعلامة أكيدة على موافقتها.. لم تكن ابتسامتها ناتجة عن سعادة به أو حب له، لكنها سعادة بحداثة التجربة بالنسبة لها كنها عادت مرة أخرى لطريق الخوف على نفسها ما الذى يضمن لها أن ذلك الوغد لن يتعدى حدوده؟ فكرت ثم وضعت لنفسها خطة.. اذا أحست للحظة أنه _فى غمار شهوته_سيتعدى حدوده ستصرخ..لذا اصرت أن يكون لقائهما فى حمامات السيدات التى تتبع منزل الحرس القديم ستصرخ وهى تعلم أن الحارسة المرتشية التى ستسمح بدخولهما معا ستقف بجوارها حتى لا ينخرب بيتها وتضيع.. نعم ستصرخ..وما ان توصلت الى هذا القرار حتى ارتاحت وعادت ليها سعادتها القديمة بالتجربة وحينما لاح لها "بيت الحرس القديم" على البعد تخيلت لوحة على بابه مكتوب عليها بالبنط العريض:
No Blood..that is better for both of you

* * * *


يقولون أن التعود يقتل الرعب، يقتل الغرابة أيضا، الأن تعرف شيماء أنه يقتل المتعة كذلك
هى طفلة..تعرف أنها طفلة..سنوات عمرها التى لم تتجاوز السادسة عشر تقول أنها طفلة_وان بدت "فسيولوجيا" أكبر من ذلك كثير_ وكانت تعرف أنها ستمل هذه اللعبة فى وقت ما، لكنها أصرت بغباء بالغ _تلعنه الأن_ أن تكمل اللعبة الى النهاية..
باستمرار اللقاءات فقدت شيماء حماسها القديم للتجربة وانطفأت جذوة شغفها بالأمر الذى واظبت عليه لمدة شهرين تقريبا..
ثم_وهذا هو الأهم_استعادت كرامتها الأنثوية الوليدة وعيها..
لم تعد تفلح معها مسكنات المتعة الزائفة وبدأت_كما المريض الذى يستعيد وعيه بعد زوال تأثير المخدر_تسأل عن موقعها ودورها فى كل تلك الأحداث المخزية التى مرت بحياة شيماء مؤخرا..
فى تلك اللحظة بدأت تنتبه الى حنق ضميرها الذى طال وغضب كرامتها الذى بدأ ثم اشتد بسرعة أذهلتها..لم تعد تستطع النظر فى عينى أبيها ولا أمها ولا حتى أخيها الرضيع..تبدى لها ذل السرية وسفالة صاحبها والنظرات الساخرة التى كنت ترمقها بها حارسة الحمام والتى كانت تقول بكل وضوح:أه يابنت الكلب..لولاش أكل العيش بس كنت فضحتك انتى واللى زيك، تبدى لها كل هذا ككائن خرافى اسود يتسلى بها نهارا قبل أن يذهلها عن النوم ليلا ويذهب بها الى بحر الدموع ويغرقها فيها..
صحيح أنها لا زالت "صاغ سليم" لكن هذا جسديا فقط، ماذا عن بكارتها النفسية التى تخترق الف مرة بوخزات ضمير معذب وضربات كرامة غاضبة جراء الاهانة..
لم يعد للحياة نفس معناها القديم..البرئ، لم تعد الدنيا بمبى فى عينى شيماء، لم تعد طفلة..
صهرتها التجربة الأخيرة وقفزت بها فوق سنى المراهقة الى الشباب وربما الكهولة، صارت امرأة كاملة
لذا قررت أن تتعامل مع الأم بحسم..
فى اللقاء التالى بادرته صارخة: انت هتتجوزنى..مش كده؟!
* * * *

تقف فى شرفتها وقت المغيب..لطالما أحبت ارتشاف العطر السماوى اللونى الجميل وأحست به يطهرها من كل أثار التجربة التى لا تريد أن تتذكر منها أى شئ لكنه بوازع من ضمير لم يرتش ولم يسكر كانت تعود _ربما هى عقدة الذنب أو رغبة باطنة فى أخذ العبرة_
"للحق نقول أنه فوجئ..جيفته المفضلة _التى لم ينته منها بعد للأسف_ تطالبه بالثمن وتطالبه بأن يدفعه الثمن وما أقسى عقابها اذ تقيده بهذه الطريقة عن ممارسة الحرية_كما يعتقدها_لكنه لم يجفل كما هى العادة فالموقف يتطلب منه المواجهة والا كانت الكارثة والفضيحة التى عرفها من مجنونة فضحت نفسها مع ضبع اخر وتسببت فى قتلها وقتله..
كان التأثير النفسى مريعا عليه لكنه لم ينس فى غمرة رعبه أن يسألها اذا كان قد تخطى حدوده الحمراء ولم يعد من حل الا الزواج لكنه أجابته بالنفى فاستراح وسمح للضبع أن يعود مرة أخرى فيستولى على كيانه أملا فى لقاء ممتع أخير لكنه لم يكن لديها أدنى استعداد لتكرار التجربة التى اصبحت بالنسبة لها الأن أكثر بغضا من أن تلقى فى النار..
فتركها وذهب الى حال سبيله،نظرت اليه فى ارتياح ثم غادرت من الاتجاه المعاكس
هى ليست غبية..
كانت متأكدة أن أى خروج من متاهات الألعاب القذرة هذه ومطالبته بدفع ثمن متعته سيكون كافيا جدا لأن يبتعد عنها وكان هذا ما أرادته هيا بكل ذرة فى كيانها..
مرة أخرى تنظر الى الأفق المحمر بأخر أضواء الشمس المحتضرة وتنظر الى داخلها
ربما طهرتها نيران عذاب الضمير لكن التجربة تركت فى نفسها ندبة وجرحا تتمنى لو كان الزمن قادرا عليهما..
* * * *
تمت بحمد الله
القاهرة فى10/2/2007



الأحد، ٢٧ يناير ٢٠٠٨

الأمة مصدر السلطات

"ولقد تكون عبارة "الأمة مصدر السلطات" من الصياغات التى يتميز بها أدبنا السياسى الحديث دون القديم، ولكن القواعد التى تجعل الخلافة بالبيعة والعقد والاختيار من ممثلى الأمة والتى تجعل للأمة الحق فى مراقبة الحاكم ومحاسبته بل وتوجب عليها ذلك والتى توجب عليها ايضا عزله "وان بالقوة" ان هو أخل بشروط عقد التفويض..
نعم ألا ترى معى معنى هذه العبارة واضحا جليا فى كلمات الامام محمد عبده التى تقول:
"والحكمة والعدل فى أن تكون الأمة فى مجموعها حرة مستقلة فى شئونها كالأفراد فى خاصة أنفسهم فلا يتصرف فى شئونها العامة الا من تثق بهم من أهل الحل والعقد لأن تصرفهم وقد وثقت بهم هو عين تصرفها وذلك منتهى ما يمكن أن تكون به سلطتها من نفسها"
ألا تعنى هذه العبارة "سلطة الأمة من نفسها " أن السلطة : من الشعب وبالشعب وللشعب؟!
وأيضا فماذا تعنى عبارة جمال الدين الأفغانى (1837-1897) التى يحدد فيها أن على الأمة أن تبايع حاكمها بعد أن تشترط عليه وبعد أن يقسم على "الأمانة والخضوع لقانونها الأساسى (الدستور) وتتوجه على هذا القسم وتعلنه له:
"يبقى التاج على رأسه ما بقى محافظأ أمينا على صون الدستور، وأنه اذا حنث بقسمه وخان دستور الأمة فانه: "اما أنا يبقى رأسه بلا تاج أو تاجه بلا رأس".
وأخيرًا، ماذا تعنى تسمية ممثلى الأمة - فى فكر الاسلام السياسى - ب"أهل الحل والعقد" و"أصحاب الشوكة" و "من تميل معهم الجماهير حيث مالوا".. ماذا تعنى هذه الأوصاف الا أنهم أهل الحل والعقد ومصدر السلطات؟!
ان ذلك كله ينفى يعنى انتفاء أى تعارض بين تراث الاسلام السياسى وبين المبدأ السياسى والدستورى الحديث الذى توجزه عبارة "الأمة مصدر السلطات".
فهى خرافات اذًا تلك المزاعم التى تصنف الفكر السياسى الاسلامى ضمن النظم التى تتنكر لدور الارادة الانسانية فى هذا المجال، وهى أشبه بمحاولة تزكية الفكر والنظم الفاشية والاستبدادية بعد تغليفها بغلاف دينى اسلامى ، كى يستر ما كشفه العالم من عوراتها وسيئاتها!!"
____________________
النقل عن كتاب "الدولة الاسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية" ص 65-66
د. محمد عمارة
طبعة دار الشروق 2007

الاثنين، ٢١ يناير ٢٠٠٨

سوف نبقى.. يشاء أو لا يشاء الغير.. فاصمدى غزة


إخواننا الكرام .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم "
وقال رسولنا " من رأى منكم منكرا فليغيره بيديه فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وليس بعد ذلك من الإيمان حبة خردل "

لا يخفى عليكم إخواننا الكرام ما يحدث لإخواننا فى غزة ..
قطعوا عليهم الكهرباء
وقطعوا عنهم الدواء
وقطعوا عنهم الوقود

وتتوالى عليهم الغارات .. ويتساقط منهم العشرات

إن غزة تحتضر إخواني وتحتاج لمن يداويها

إنهم إخواننا .. وقد ابتلاهم الله وأمهلنا نحن .. ويحتاجون منك العون ولو بقلبك ..

ما العمل .. وإيه المطلوب من حضرتك ؟؟

1- الدعاء
2- نشر القضية

ما اسهلهما علينا .. واثلجها على قلوب اخواننا .. واصعبهما على اعداءنا

قم حالا .. وادعوا لإخوانك فى فلسطين لمدة خمس دقائق متواصله
وبعدها تحدث مع اثنين فقط من اهلك او اصدقاءك عما يحدث فى فلسطين

.......................
إن كنت صائما اليوم فادعو لهم عند إفطارك

جزيت خيرا يا أخى على سعة صدرك .. ودمت ناصرًا لدينك

الأحد، ٢٠ يناير ٢٠٠٨

تعريف جديد للوطن..

وتبقى فيروز..
تغنينا..
ريح الشمالى.. زور الغوالى
وقلن ع بالى طيف محبوبى
بقعد لحالى.. أذكر ليالى
يوم ال حكالى وتاه ع دروبى

* * * * *
الوطن هو من نحب.. ما الأماكن الا صور خلفية نلصق عليها الأحداث.. وما الأماكن الا أشياء يصنع جمالها من نحبهم..
لماذا أحب هذا البيت.. لأن أمى فيه.. وهذا الشارع الذى لعبت فيه الكرة أول مرة مع أصدقائى.. وهذه المدرسة التى حصلت فيه ذات مرة على جائزة وهنأنى من أحبهم.. وذا المقهى الذى شاهدت فيه المباريات.. وفرحت بانتصارات فريقى مع أصدقائى.. وحزنت لانكساراته معهم.. وداعبت من يشجع المنافس منهم..
الوطن هو من نحب.. ما الأماكن الا صور خلفية نلصق عليها الأحداث.
* * * * *
اهداء:
الى الحى الجميل..
الى الشارع الذى كان أقرب أماكن العالم الى قلبى..
الى البيت العتيق، وشرفته المضيئة دومًا بالوجود المعطر.. وقد أظلمت فجأة؛ لأن الأحبة قرروا الغياب.
* * * * *
وتبقى فيروز..
تغنينا..
ياطيب القلب ياقلبى.. تحملنى هم الأحبة ان غابوا وان حضروا
* * * * *

الجمعة، ١٨ يناير ٢٠٠٨

الثلاثاء، ١٥ يناير ٢٠٠٨

مش راح نترك البوابة

بهية نفسها لم تتوقع أن تصل الأمور الى هذا الحد من السوء..
تقف خلف خصاص نافذتها تراقب الحارة الخالية بانتظار بدء الاقتتال عليها..

وربما لم يحدث ذلك منذ أيام روميو وجولييت، لكن برغم كل هذا الكم من الرومانسية لا تستطيع منع قلبها من القفز خارجها رعبا على حبيبها من أخر لا يحبها بقدر ما يرغب فى ضم رأسها الى الى مجموعته التى ضمها - ياللخسة - بالقوة وليس الخداع..
حارتها - على بعد ساعة من موعد المبارزة - صارت مجسما للعدم..لاشئ يتحرك ويبدو أنه حتى الرياح قد حبست أنفاسها - فى رهبة - بانتظار أن يعلن القدر سيدها القادم..
ابراهيم حبيبها..بطل الحارة وأملها الوحيد الذى وقف فى وجه المحاولات اللزجة لابن الفتوة للتقرب منها..ومن وقتها عرف الجميع أن بهية لابراهيم وابراهيم لبهية، لكن هذا بالطبع لم يرض البلطجى الأخر الذى ظن أنه قد ورث الحارة بمن فيها وما فيها من أبيه ولم يهدأ حتى وافق ابراهيم على أن يقاتله عليها..
أهالى الحارة..تعرف أنهم مثلها،يقفون وراء خصاص نوافذهم بانتظار شروق الشمس.
* * *
لم تكن تعتقد أنك شفاف الخيال الى هذا الحد..
نفس النظرة - تراها رغم البعد - تماما كما تخيلتها.. فاتك المتسلط على بوابة جبال الصوان وعيناه تشعان بشهوات الدم والسيطرة والتملك الظالم..
(عم قلك خاف)...(1)
تدوى فى أذنيك كلماته التى قالتها عيونه
لكنك ترد عليه بالجملة التى طالما رددتها لنفسك:

(يافاتك المتسلط:مش راح اترك البوابة)...(2)

وكما توقعت تماما..
يثور..ينطلق اليك فى هياج الذئب الذى خطفت منه فريسته..
وتنطلق أنت اليه محملا بغضبك ممزوج بسخط دماء مدلج التى أهدرت ظلما صانعا من ذلك المزيج رعبا لا تتخيل أن أحدا يصمد أمامه..
يتحرك كل منكمت باتجاه الأخر، ترفعان سيفكما..
ليصطدمان..
بينما يهز البيوت ضجيج اقتتال ارادتيكما الحديديتين رغم اختلاف الدوافع ومدى شرفها..
تنظر فى عينيه وتقول له بصوت أعلى من ارادته لن تقولها أى الوغد.. لن تقولها
ترد عينيه بسخرية حاقدة:بل أقولها كل وقت يا عزيزى..طوال27 عاما وانا أقولها!
جبال الصوان ملكناها..افرحوا(3)
- لن تقولها مرة أخرى..
- وما الذى أدراك؟
- انظر حولك لتعرف!!..


تمت بحمد الله
القاهرة فى 13/7/2006

________________
(1)،(2)،(3)
اقتباسات من مسرحية فيروز الخالدة(جبال الصوان)





الثلاثاء، ٨ يناير ٢٠٠٨