الأحد، ٢٥ مايو ٢٠٠٨

ها السيارة مش عم بتمشى..




مقدمة لا بد منها:
وتبقى فيروز..
تطل علينا من شرفتها السماوية الساحرة..
تطل على الواقع العربى..
تمد يدها المستندة الى قوة وجمال صوت ملائكى..
تمسك بأيدينا جميعًا..
لتضعها على الجرح..
لتنبهنا اليه..
علنا نتعظ..
ونفهم..
ونعالج..
** ** **
موعدنا اليوم مع رائعتها ( ها السيارة مش عم بتمشى )
من مسرحية " ميس الريم "
يبدأ الاسكتش الغنائى ب مجموعة من التساؤلات يطرحها رجل الأمن.. يظن نفسه فى لاظوغلى:)
يسأل: اسمك؟.. شغلك؟.. ضيعتك؟
ترد: أنا اسمى زيون.. عندى بالمدينة محل بيع صحون.. وستى من ضيعة كحلون
يقول لها بصيغة متقارفة: الله معك على كحلون.!
تشير الى السيارة وتقول: ها السيارة مش عم بتمشى.. بدنا حدا يدفشها دفشة.. بيحكوا عن ورشة تصليح.. وما عرفنا وين هى الورشة.
مسرحية ميس الريم ليس فيها أى مجال لمداعبات سياسية كما عودنا الرحابنة وفيروز.. لكن من قال أن هذا يمكن أن يقف فى طريق قدراتهم الساخرة الرائعة صياغة ما يريدون قوله فى أى قالب..
يمكننا - بسهولة - ترجمة الحوار الغنائى بالأعلى الى معانى سياسية مغايرة تمامًا لما فرضته حكاية المسرحية..
فالسيارة لم تكن الا الوطن.. وطننا العربى الكبير
السيارة التى لم تتحرك رغم عهود الثورات ووعود الاصلاح الكثيرة التى وعِدنا بها نحن وأباؤنا لكن أحدًا لم يفى بوعوده.
تلخص فيروز أمالنا فى الاصلاح قائلة: بدنا حدا يدفشها دفشة..
ثم تسخر بشدة من كل طرق الاصلاح الشرقية والغربية التى اتبعناها ولم تفلح حين تقول: بيحكوا عن ورشة تصليح.. وما عرفنا وين هى الورشة!
لا أحد يعرف..
ثم يتتابع الحوار..
تقول: امبارح شفناهن رايحين.. على قمر العشاق طالعين.. ونحنا بمطرحنا واقفين.. والسيارة مش عم بتمشى.
الكلام أوضح من أن يوضح..
كلهم يتقدمون حولنا، بينما نحن لازلنا نقف فى مكاننا.. الكل يهتم بمصالح بلاده ونحن نهتم بمصالحنا الخاصة التى غالبًا ما تتعارض وتسبب لنا الكوارث ( ولنا فى قصة لبنان الأخيرة من العبر والأمثال ما يكفى).
تقول فيروز: يغيب نهار يطل نهار.. والناطر ناطر على نار.. بيجى مختار.. بيروح مختار.. والسيارة مش عم بتمشى.
مرة أخرى الكلام أوضح من أن يوضح..
تمر الأيام والتجارب.. أصبحنا فئران تجارب.. الاشتراكية، فالرأسمالية.. حسبما يرى الحاكم..
ثم يأتى الاسلاميون المتطرفون ويقدمون حلولاً أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها غبية.. ويطالبوننا أن نقبلها والا كنا كافرين.
والمختار - لمن لا يعرف - هو لفظة لبنانية تعبر عن روح الحرية الأصيلة التى تعود عليها لبنان..
المختار هو حاكم القرية.. كالعمدة عندنا
لكن لاحظ الفارق..
يأتى هذا المختار ليختار لنا الشرق..
ثم يأتى من ورائه ليختار لنا الغرب.. فجأة!
مع أن أبسط القواعد التى يعرفها أى طفل أن الخروج من جو ساخن الى جو بارد فجأة يصيب بالبرد..
أوطاننا مصابة بالبرد..
وربما كان فى طور التحول الى سرطان..!
ثم تعود فيروز الى قصة المسرحية الأصلية مرة أخرى وكأن كل ما سبق لم يكن الا اغفاءة سريعة رأت فيها موضع الجرح ودلتنا عليه.. اغفاءة رسول يتلقى وحيًا الهيًا ثم يعود ليدل الناس على الخير، وكل جمال هو خير، وكل خير إنما يعود فى أصله الى الله.
تعود فيروز الى القصة الأصلية حين تنادى: ويا أهل ميس الريم.. ضلوا اتذكرونى.. كل ما حبوا اتنين.. ضلوا اتذكرونى.. لا تنسوا زيون.. اللى ستها من كحلون..
أرجوكم..
لا تنسوا زيون.





هناك تعليقان (٢):

Unknown يقول...

فيروز دى دنيا تانية لوحدها و جو تانى

تحياتى

أحمد عبد الفتاح يقول...

أكيد:)