الأحد، ٢٧ يناير ٢٠٠٨

الأمة مصدر السلطات

"ولقد تكون عبارة "الأمة مصدر السلطات" من الصياغات التى يتميز بها أدبنا السياسى الحديث دون القديم، ولكن القواعد التى تجعل الخلافة بالبيعة والعقد والاختيار من ممثلى الأمة والتى تجعل للأمة الحق فى مراقبة الحاكم ومحاسبته بل وتوجب عليها ذلك والتى توجب عليها ايضا عزله "وان بالقوة" ان هو أخل بشروط عقد التفويض..
نعم ألا ترى معى معنى هذه العبارة واضحا جليا فى كلمات الامام محمد عبده التى تقول:
"والحكمة والعدل فى أن تكون الأمة فى مجموعها حرة مستقلة فى شئونها كالأفراد فى خاصة أنفسهم فلا يتصرف فى شئونها العامة الا من تثق بهم من أهل الحل والعقد لأن تصرفهم وقد وثقت بهم هو عين تصرفها وذلك منتهى ما يمكن أن تكون به سلطتها من نفسها"
ألا تعنى هذه العبارة "سلطة الأمة من نفسها " أن السلطة : من الشعب وبالشعب وللشعب؟!
وأيضا فماذا تعنى عبارة جمال الدين الأفغانى (1837-1897) التى يحدد فيها أن على الأمة أن تبايع حاكمها بعد أن تشترط عليه وبعد أن يقسم على "الأمانة والخضوع لقانونها الأساسى (الدستور) وتتوجه على هذا القسم وتعلنه له:
"يبقى التاج على رأسه ما بقى محافظأ أمينا على صون الدستور، وأنه اذا حنث بقسمه وخان دستور الأمة فانه: "اما أنا يبقى رأسه بلا تاج أو تاجه بلا رأس".
وأخيرًا، ماذا تعنى تسمية ممثلى الأمة - فى فكر الاسلام السياسى - ب"أهل الحل والعقد" و"أصحاب الشوكة" و "من تميل معهم الجماهير حيث مالوا".. ماذا تعنى هذه الأوصاف الا أنهم أهل الحل والعقد ومصدر السلطات؟!
ان ذلك كله ينفى يعنى انتفاء أى تعارض بين تراث الاسلام السياسى وبين المبدأ السياسى والدستورى الحديث الذى توجزه عبارة "الأمة مصدر السلطات".
فهى خرافات اذًا تلك المزاعم التى تصنف الفكر السياسى الاسلامى ضمن النظم التى تتنكر لدور الارادة الانسانية فى هذا المجال، وهى أشبه بمحاولة تزكية الفكر والنظم الفاشية والاستبدادية بعد تغليفها بغلاف دينى اسلامى ، كى يستر ما كشفه العالم من عوراتها وسيئاتها!!"
____________________
النقل عن كتاب "الدولة الاسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية" ص 65-66
د. محمد عمارة
طبعة دار الشروق 2007

هناك تعليق واحد:

أحمد منتصر يقول...

حبيب قلبي طيب دلوقتي أغلب الناس مش ملتزمين دينيا يبقى إللي حيصل للحكم غالبا مش حيبقى ملتزم دينيا يبقى إزاي تلزمه بإقامة دولة ذات مرجعية إسلامية؟