الخميس، ٢ يوليو ٢٠٠٩

رسالةٌ فى الغرق..

مما رواه قلبي.. وارتوت يداي منه بالنقل:

رسالة فى الغرق..
المعنى عندي فى الغرق هو الإحتواء، أذكر أول تجاربي مع الغرق، كانت مرتي الأولى للتعامل مع البحر، وكنت أتعمق فيه مأتنسًا بالمتعمقين معي، دومًا أئتنس بالناس، أعتبر الوحدة أعمق صنوف الغرق، وفى ذلك أقوال، كنت متعمقًا حين فجأة، وربما للمرة الأولى فى حياتي، لا أجد أرضًا تحتي، فسقطت الى الأسفل كحجر، لم أصرخ، ما استغربته فيما بعد حين كنت أتذكر ذلك الموقف وتلك الحادثة أنى لم أشعر بخوف، لم أرهب الرمادي الذى احتواني، كل ما فكرت فيه أننى لن أرى أمي ثانية، لكن هذا الخاطر توارى سريعًا حين سرحت مرة أخرى فى الرمادي المسيطر، ثم امتدت يدٌ مفاجئة لتسحبني الى الأعلى وأفاجأ بأصوات كثيرة تتأكد من أنني حي وتحمد الله على ذلك، منذ ذلك اليوم اقترن عندي معنى الغرق بالإحتواء، خصوصًا ولو كان غرقًا هادئًا، لايشبه تلك التجربة التى دخلتها فى الإسكندرية وكاد الموج الهادر أن يغلبني لولا ستر الله ولطفه.
وقيل: منه الإستغراق، أى اغراق الإنسان نفسه فى أمر ما حتى يملك عليه لبه، ويشغل كل وقته، وتنداح معه بقية أمور الحياة من صميم نظره الى أطراف عقله.
فالإستغراق هنا أمر ذاتي، يقوم الإنسان به وهو واع اليه، مدرك له، مستمتع به، أو على الأقل يقوم بأدائه على أحسن الوجوه كنتيجة لإلتزام أخلاقي منه.
والغرق عندي نوعان: فهو إما غرق مادي أو غرق روحي
فأما الغرق المادي فقد أسهبت الحديث عن حالة منه حين ذكرت قصتي الأولى مع الغرق،وأما الغرق الروحي فقد وجدته مع حبيبتي، واقتران الغرق عندي بمعنى الإحتواء ساهم فى أن أحب غرقي فى حبها، ألا أخاف منه، اذ أن الإحتواء جالب لكثير من النعم، نعمة الهدوء، نعمة راحة البال، نعمة الحنان، نبعه صافِ لديها، لكأنما تأتي به من تحت عرش الرحمن مباشرة، ينطبق اسمها على ما أؤمن به من مسماها بشكل يدهشني، فكما أعبر لها دومًا هي مجموعة من النعم التى لا أعرف كيف سأؤدي شكرها، لكني أعود وأحمد الله على جميل صنعه، وإتمام نعمته عليّ بأن هداني اليها، وأقول لنفسي لعل اسمها هو ما تغنى به الكروان لحظة ولدت، ولعل اسمي هو ما نادى به الكروان لحظت ولدت.
أقول: الغرق والإستغراق لازم للسير فى هذه الحياة، ليس أمرًا عارضًا، بل هو لازم من من متلازمات الضمير، لا أظن أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم " ان الله يحب اذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه" لا يشير الى ذلك المعنى، فالإتقان يتطلب الغرق والإستغراق، وقد كنت قبل انبلاج صبحها عليّ، غارقًا فى ليل طويل كئيب، ناظرًا الى مستقبل حياة أقرب الى حياة الرهبان، لكنها حطت على عالمي بهدوء، كعصفور يغرد خارج نافذتي، لم أنتبه فى البداية، لكني حمدت الله بعد ذلك على نعمة الإنتباه، ثم نعمة التركيز، ثم نعمة اللسان الذى صارحها بكل شئ، واللسان دومًا مغرفة القلب، ثم نعمة اللغة التى حملت مافى القلب عبر الهواء الى أذنها.
اليوم أنا لا أعرف كيف يمكن شكر نعماء الله، فإذا كنت لا أستطيع تأدية شكر الماء، فكيف أستطيع شكر الله على أن رزقني بها.

هناك ٥ تعليقات:

هاني مهران يقول...

جميلة جدا جدا ورائعة

احساس عالى قوى
اشكرك عليها

وللأمام دائما

السيد الرئيس يقول...

طبعا يا سيد أحمد احنا اتكلمنا في القصة دي وإحنا راكبين التاكسي

بس هيا جميلة,مش هقول نقلة في كتاباتك, لا دا تنويع

لغتك رصينة وحلوة يابو حميد

Tadwina يقول...

مرحبا / احمد
بعد عمل تقييم من قبل تدوينة دوت كوم لجميع المدونات المصرية نبلغك بأن بعد اضافة مدونتك إلى تدوينة دوت كوم قام العديد من القراء بالاطلاع على مدونتك الشيقة والجميله المليئة بالموضوعات المتنوعة لذا ترجو منك اسرة تدوينة دوت كوم بمراسلتنا للأهمية على
Tadwina@gmail.com
حتي نتمكن من ارسال البانر الخاص بنا لوضعه على الصفحة الرئيسية حتى يتمكن العديد من القراء في مصر والدول العربية بالاطلاع على مدوناتك المستحدثة
يمكنك متابعة مدونتك على الرابط التالى:

http://www.tadwina.com/feed/418

مع خالص الشكر
فريق عمل تدوينة دوت كوم
www.tadwina.com

إيثار يقول...

كلماتك فيها شيء من سحر التعبير
من زمان اوي
مغرقتش في القراءة كدة

تحياتي

غير معرف يقول...

ما كل هذا الجمال
يا بختها بجد !
أغبطها بشدة :)