الأحد، ١٤ ديسمبر ٢٠٠٨

رآها.. فوقعت فى قلبه

تحميل على عالم الزيني بركات

صحن المسجد الأزهر..
أرفع يدي الى السماء متضرعًا وأصرخ فى سكون نفسي:
أى رب .. " إلا تصرف عني كيدهن أصبُ إليهن و أكن من الجاهلين"
ثم اتجهت الى شيخي وسألت بعينين مخذولتين:
- أى الفتن أشد؟
- الإمارة والسلطان.
- ثم أى؟
تفحصني بعينيه الصقريتين وقال ببطء: النساء.. أول فتنة بني اسرائيل كانت فى النساء
وحين قمت ناداني من خلفي ناصبًا سبابته فى ظهري كما تخيلت: أن احذر.. كيدهن عظيم.
** ** **
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم اجعل هذا البلد ءامنًا
" ديوان سر الشهاب الأعظم زكريا بن راضي كبير بصاصي السلطنة المصرية "
نبذة من رسالة تظلم وتهديد ووعيد وردت للزيني بركات ناظر الحسبة الشريفة من العارف بالله الشيخ أبو السعود الجارحي.
بسم الله الرحمن الرحيم
نبدأ بأن نشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له شهادة حق نقيمها فى كل حكم، وتحاور سيوفنا جاحديها فتنهض بالحجة عليهم وهم بكم. ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله أشرف من ائتمر بالعدل والإحسان أعدل آمر أمته بالوزن والقسط، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأبرار الكرام الذين احتسبوا فى سبيل الله جل عنائهم وسلم تسليمًا كثيرًا.
وبعد..
فإنك قد علمت حق المسلمين عليك فى نعمتك، وإنه كما أن لك علينا حق الطاعة، فإن لنا عليك حق السمع، فإن لم تسمع فقد خلعت بيديك طاعتك من أيدينا، ومحبتك من قلوبنا، وإنه ما دمت أنت المسئول أمام الله والسلطان عن المسلمين وأعراضهم وما يتعرضون له من سائر الفتن وكافة المحن والبلايا، فإني أحذرك من سؤاله يوم لا ينفع مال ولا بنون الى من أتى الله بقلب سليم، عن بيت العوالم الذى تركته مفتوحًا أمام المسجد يفتن المسلمين فى صلاتهم وعنها، وإني لمعيدٌ تذكيرك بحق المسلمين عليك، أولئك الذين حملوك على الأعناق يوم توليتك، وأمرك بحقي عليك أن تمنع بيت الله ذلك الأذى وتكفيه شره.
والسلام على من اتبع الهدى
كوم الجارح
خامس رجب921 هـ
** ** **
فاض الكيل..
وصرخت: أى رب،أأقف بباك، أتعلق بأستارك، و تعرض عليّ الفتنة؟!
أقف إمامًا، تعرفين اليوم أنى الإمام.. النافذة أمامي، يأتي نور العصر منها، أشاهد وراء خشبها المشغول بيتًا عظيمًا، تطل من مشربيته حورية، تعرفين اليوم أنى الإمام..
أصرخ بها: الله أكبر.. ترتعش يدي.. جفوني.. تتلجج الآيات فوق لساني.. حمدت الله أن العصر صلاة سرية والا كانت فضيحة طالب الأزهر غير قابلة للمحو.. أنظر خارج الخشب المشغول.. لا إراديًا.. كأنما هو السحر.. أرى جدارًا مصمتًا.. جدار بيت.. أعرفه جيدًا.. مشربية فى منتصفه.. أعرف أنك هناك.. خلفها.. بالأحمر المسيطر.. الأحمر الذى رأيتك به ذات ليلة شتوية مطيرة، كان يلتمع تحت أنوار الكلوبات.. حين دعوتنى، وركضت أنا، تسورني - لحظتها - ذعر مميت، تذكرت حكايا أمي عن جنيات أخر الليل، لعنت تأخرى الى ذلك الوقت، وحين وضعت جنبي ظللت أرتعش ليلتين.. أصابتنى حمى غامضة، لم يفلح معها الدواء، ولا وصفات الأعشاب، ثم استفقت فجأة. وبدأت أستعيد.. أفهم.. أى جنون؟!.. أى فرصة ذهبية أضعتها على نفسي، ومن أين لي بحورية أخرى تريدني أنا طالب الأزهر الفقير وأقسمت، إن عدتِ هدنا اليكِ.
الله أكبر.. أنحني للركوع.. تنحنين أمامي.. سمع الله لمن حمده.. أعتدل.. تعتدلين فجأة.. تمتد الهزة الى كل الأرجاء الساحرة، الشعر ليل بهيم لا تزينه النجوم، فالنهدين الصلبين الأملسين والبطن ثم الردف المكور.. الله أكبر.. وأراك كما تخيلت دومًا.. ساجدة.. ثم أستفيق.. أى رب: " إلا تصرف عنى كيدهن أصب اليهن وأكن من الخاسرين "
وحين خرجت وجدته ينتظرني، عرفت فيما بعد أنه شعبان، قال كلمة واحدة: الست تريدك!
- أى ست؟
أشار برأسه الى البيت وهو يغمز بعينيه، أى فرحة، الأحمر مسيطر، يقف كبقعة على حدود الأفق ثم يمتد ليبتلعه كله.. أى فرحة.. ثم هاجمنى ذعر مفاجئ..
تلفت حولى وقلت له: انتظر حتى لا يرانا أحد.
** ** **
قرار:
أمر شيخ الأزهر بفصل الطالب " حسين ابراهيم الشرقاوي "، وتجريده من حق الراتب والجراية، وأن تستعيد الإدارة منه جبته وقفطانه اللتين تسلمهما لحظة دخوله الأزهر، وذلك لإرتكابه فعلاً مشينًا وجرمًا مهينًا لشرف الأزهر وكرامته، حيث ضبط وهو يدخل الى بيت صفية الراقصة عصر أمس.
والسلام على من اتبع الهدى
ينفذ فى ساعته وتاريخه
سابع ذى القعدة 921 هـ
** ** **
قال شعبان هازئًا وقد رأى فصلى على الملأ: أسماك أبوك على اسم الحبيب بن الحبيب وتصنع هكذا.. اخص..
ثم الكلمة المحدقة كخطر قاتل، السوداء كليل بهيم، الساخرة المانعة الجامعة:
- الست تريدك
وحين سرت معه تكلم بلهجة الأمر: ستبيع هلاهيلك تلك وترسل ثمنها لأبيك الضرير فى البلد، وسوف ندبر لك عملاً معنا، والله المستعان.
** ** **
" ودخل معه السجن فتيان "
** ** **
نداء:
يا أهل مصر
نأمر بالمعروف
وننهى عن المنكر
أمر الزيني بركات بن موسى
ناظر الحسبة الشريفة
ووالي القاهرة
ناظر الذودخانه
بهدم بيت صفية العالمة
الموجود أمام مسجد كرتباي
وذلك لدرء الفتنة عن المسلمين
** ** **
_____________________________
إهداء الى الغيطاني ويوسف ادريس

هناك ٣ تعليقات:

بيسان يقول...

انا حاسه اني شوفتها فيلم قبل كده :D

لا اخفيك سرا ..

كلما دخلت الى هذه المدونة ..

يتملكني احساس بالجهل الشديد .. :shy:

فلم تعد عندي القدره على القراءة كما في السالف ..

وان قرأت امكث في قراءة صفحة واحده اكثر من ربع الساعه ..

ربنا يكرمك ويوفقك ..

غير معرف يقول...

عمل يستحق الوقوف والتحية يا أحمد بالفعل
أبدعت بحق
وأحسنت بوضعها هاهنا فأنا -كما تدرى- أبحث عن فرصة أبدى فيها إعجابى بها علناً منذ فترة .. وها هى جاءت

دُمتَ بنَزْف يا صديق

غير معرف يقول...

كان يلتمع تحت أنوار الكلوبات ..
الكلوبات ؟ !
- تلك وما اخبرتك عنه , بعض الشكل هنا وهناك , وخطأ املائي واحد - أنت أعجوبة اذ أن العادة جرت على ان النصوص المنقولة من ورق الى هنا تعج بالأخطاء ..

:) أرى أنك قد اخترت سعيد الجهني لتحمل عليه عالمك الخاص - والأدق النسخة المشوه منه - في قصتك , عموما أعجبني التداخل , - لم أتقن يوما هذه الطريقة , فهي تبدو لي كشخصين يتصارعان في داخل رأسي - ..
كنت أتوقع أن الزيني بركات سيأمر باعدامه , حرمانه من مكانته كطالب أزهر بدا لي رقيقا جدا ..

عموما , أعتقد أن معالجتك أكثر واقعية من معالجة جمال الغيطاني لشخص سعيد , فأنت اخترت الطريق الأسهل , بينما كان علينا أن نتابع الى النهاية .. والعطب مع سعيد :)

.. ملخص ما أريد قوله , هو انك تعاملت بواقعية أكثر من اللزوم مع الشخصية .. من ناحية
من ناحية أخرى , أعتقد أن عرضك للصراع جاء مبتورا نوعا ما , المزيد من عرض احاسيس الصراع والعذاب والمقاومة , ولا بأس من تشتت أكبر وضياع أكبر , ليكون للاستسلام في نهاية القصة طعم أكثر حدة ..

:) فيض تحية !