الثلاثاء، ١ يوليو ٢٠٠٨

الفتنة الكبرى.. رؤية جديدة

لن يكون الكلام معادًا هذه المرة..
لن أتحدث فى تفاصيل، " العواصم من القواصم " موجود على أي حال، وهو - باتفاق - أحسن ما كُتب فى هذا الموضوع. فقط سنتحدث فى فكرة عامة..
حسنًا..
يمكننا - ببساطة - تتبع أسلوب تعامل إلهى واحد موحد مع كل " الأتباع الأُول " لكل نبى عقب وفاة النبى، أو على الأقل، غيابه لفترة ما عن قومه، ألا وهو أسلوب " الفتنة "..
وقد تكرر هذا بشكل مثير للانتباه فعلاً.
الأمر المثير أيضًا أن كلها فتن متشابهة النشأة والمسببات والنتائج، مما يرجح - لدى على الأقل - أنها تدبير الهى محكم. من المثير أيضًا - ثالثًا هذه المرة - أن كلها تقوم بعد أن يظهر أحد الأشخاص ويحاول استغلال الغياب المفاجئ للنبى لوراثة مكانه ومكانته، عبر ادعاءات أبسط ما يمكن أن يقال عنها أنها تهدم أصلاً أو أصولاً متعددة من الدين الأصلى الذى جاء به النبى من عند الله، وتكون النهايات واحدة تقريبًا - متماثلة إن شئنا الدقة -، ينقسم أتباع الدين الواحد الى فرق ومذاهب، وتكون نتيجة الصراع بينهم دموية فى الغالب.
دعونا نبدأ..
نبى الله موسى عليه السلام يعبر البحر مع قومه من بنى اسرائيل، ثم يسرع الى ميقات ربه، أربعون ليلة كاملة بجانب الطور تلقى فيها عليه السلام ألواح التوارة، وقد ذكر القرآن الكريم هذ الموضوع بشكل صريح فى سورة الأعراف:
"
وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفنى فى قومى وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين "
ولكنه - وهذا استثناء خاص جدًا لبنى اسرائيل أن تكون فتنتهم ونبيهم بين ظهرانيهم - حلت الكارثة، وظهر السامرى!
من هو السامرى؟
مرة أخرى القصة مذكورة بالكامل فى القرآن الكريم فى سورة طه..
القصة - باختصار - أن بنى اسرائيل كانوا يحملون "
أوزارًا من زينة القوم " أى كميات من الذهب معهم أثناء عبورهم البحر، وحين عبروا، وجدوا قومًا يعكفون على أصنام لهم، فأرادوا تقليدهم، لكن موسى عليه السلام رفض ونهرهم بشدة، لكنه ما ان ذهب لميقات ربه حتى خرج عليهم السامرى "بافتكاسته": " فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسى "، الغريب هنا - وهذه حالة خاصة ببنى اسرائيل أيضًا، وان دلت على شئ فإنما تدل على شدة فتنتهم - أن كل هذ ا حدث وقد ترك لهم موسى عليه السلام أخيه هارون عليه السلام " مندوبًا نبويًا " ان صح هذا التعبير كى يحكمهم، ويأخذ على أيديهم ويبعدهم عن الشطط - ربما لأن موسى عليه السلام كان أعرف الناس بقومه! - ولكن كل هذا - للغرابة والدهشة - لم يفلح، وخرج السامرى بفتنة العجل.
عاد موسى غاضبًا الى قومه بعد أن أخبره الله تعالى بأنه "
قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامرى "، وبعد أن لام قومه، ولام أخيه هارون عليه السلام، تقابل مع السامرى " قال فما خطبك يا سامرى "
رد السامرى: "
قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لى نفسى ".
لاحظ معى ستكرر معانى وصيغ هذه الجملة - بصرت بما لم يبصروا - كثيرًا بعد ذلك،وكان رد فعل موسى عليه السلام بإحرق العجل الذهبى ونسفه فى اليم نسفًا، وكان عقاب السامري أن أصيب بمرض يحرق جلده كلما مسه أحد، كما يقول المفسرون.
ملاحظات على القصة:
1- لم يمت موسى عليه السلام، ولم يختف حتى اختفاءًا ينذر بعدم عودته، بل ذهب الى ميقات ربه ليتلقى ألواح الوحى، وكان قومه يعلمون ذلك تأكيدًا، وترك لهم هارون عليه السلام، ومع ذلك لم يصنع كل ذلك فارقًا أمام كلام السامرى الذى - للغرابة - يناقض كل ما تحملوا فى سبيله عذاب فرعون والذى لأجله تركوا مصر التى عاشوا فيها 430 عامًا كما يخبر العهد القديم، وفى لحظة واحدة باعوا كل ذلك اتباعًا للفتنة.
2- فى ظنى أن السامرى حاول أن يستولى على سلطة موسى عليه السلام فى غيابه وقد تحدى فى ذلك أخاه هارون عليه السلام ويبدو أن هارون قد نصح قومه كثيرًا جدًا لكن لم تجد النصيحة، مما يدل عل شدة الفتنة
3- كانت النتيجة متوقعة، انقسم بنو اسرائيل على أنفسهم وكانت الصراعات الدموية التاريخية بينهم خير دليل على هذا الإنقسام.
4- لم تذكر المصادر اعتراض أحد من بنى اسرائيل على كلام السامرى، باستثناء هارون عليه السلام، وهذا فى حد ذاته غريب حقًا، ولا اجد له أى تفسير!
وإذا نحن انتقلنا الى عيسى عليه السلام فسنجد القصة مكررة تقريبًا باستثناء بعض التفاصيل..
رُفع عيسى عليه السلام الى السماء، كما نؤمن نحن المسلمين، ثم ظهر بولس بعدها ب20 عامًا فقط، إذ أن أقدم الأناجيل المكتوبة - انجيل مرقص - مكتوب بعد رفع المسيح ب35 عامًا، وقد كتب بولس هذا رسائله قبلها ب15 عامًا تقريبًا كما تذكر المصادر أى بين عامى 50 : 61م تقريبًا.
ولكن من هو بولس هذا؟ وما شأنه فى المسيحية الحالية؟
أو " القديس بولس " كما يطلق عليه المسيحيون، وله شأن كبير فى المسيحية، فهى تنسب إليه أكثر مما تنسب الى غيره، فرسائله هى التى شرحتها، وقعدت أهم قواعدها. ورسائله هى:
1- رسالة بولس الى أهل رومية.
2- رسالته الأولى الى أهل كورنتوس.
3- رسالته الثانية الى أهل كورنتوس.
4- رسالته الى أهل غلاطية.
5- رسالته الى أهل أفسس.
6- رسالته الى أهل فيبى .
7- رسالته الى أهل كولوسى.
8- رسالته الأولى الى أهل تسالونيكى.
9- رسالته الثانية الى أهل تسالونيكى.
10- رسالته الأولى الى تيمو ثاوس.
11- رسالته الثانية الى تيمو ثاوس.
12- رسالته الى تيطس.
13- رسالته الى فيلمون.
14- رسالته الى العبرانيين.
يشغل تفصيل حياة بولس وأعماله مساحة كبيرة من سفر أعمال الرسل وهو يعرف نفسه قائلاً:
"
أنا رجل يهودى ولدت فى طرسوس كيليكة، ولكن ربيت فى المدينة، يقصد أورشليم "
ولسنا بصدد تأريخ لحياته، ولذلك سأدخل مباشرة الى تأثيره على المسيحية، وسأسرد بعدها كيف كان موقف بقية تلاميذ السيد المسيح منه.
الملاحظة الأولى على بولس أنه كان نشطًا جدًا، كان يطوف الأقاليم يبث دعوته، ولم يكن يستقر فى مكان بنية الإقامة فيه بل بقصد الرحيل الى غيره - لاحظ كيف سيكون بن السوداء عبد الله بن سبأ بعد ذلك - وقد تاثر المسيحيون خطاه، وتعرفوا أخباره وأقواله - ما دونه منها فى الرسائل، وما ألقاه فى الجموع - وتناقلوه، ودونوه إن لم يدونه هو، فتأثروا بأعماله، واحتذو حذوه، وسلكوا مسلكه.
وتكمن أهمية بولس فى أن أقدم الأسفار المسيحية التى قبلتها الكنائس الاولى، كانت رسائل بولس، ذلك الداعية الذى لم يكن قط من تلاميذ السيد المسيح، لكنه أعلن فجأة تحوله الى المسيحية بطريقة ارتاب فيها رسل السيد المسيح وتلاميذه بحسب كتبهم، وكما سنبين فيما بعد.
ويمكننا تلخيص تأثير بولس على المسيحية فى التالى:
1- تبنيه لفكرة أن سفك دماء المسيح كفارة لخطايا البشر، وروج لها فى رسائله.. تلك الرسائل التى لم يكتب أقدمها الا بعد رفع السيد المسيح بأكثر من 15 عامًا.
لقد كان الصلب وسفك الدم هو ما عزم بولس على ألا يعرف من المسيحية شيئًا غيره.
يقول فى رسالته الأولى الى أهل كورنثوس:
"
لأنى لم اعزم أن أعرف شيئًا بينكم إلا يسوع المسيح وإياه مصلوبًا "
ويكمل فى مقطع أخر منها:
"
أعرفكم أيها الأخوة بالإنجيل الذى بشرتكم به وقبلتموه.. فإننى سلمت اليكم فى الأول ما قبلته أنا أيضًا أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب "
ويبنى بولس نظريته هذه على أساس عقيم، هو أن الناموس الإلهى ليس فيه بر ولا عدل!
يقول فى رسالته الى أهل غلاطية:
"
إن كان بالناموس بر، فالمسيح مات إذن بلا سبب "
هكذا!
بينما الأناجيل تصرح بغير ما يذكره بولس!
جاء فى إنجيل متى، الإصحاح الخامس: 17 - 19: على لسان السيد المسيح:
"
لا تظنوا أنى جئت لأنقض الناموس والأنبياء، ما جئت لأنقض، بل لأكمل. فأنى الحق أقول لكم: الى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد من الناموس "
والناموس المعنى هنا هو التوارة التى جاء بها موسى عليه السلام.
أما عن موقف رسل السيد السيح وتلاميذه منه فهو معبر جدًا.. كان اسمه " شاؤول " قبل أن يتحول الى المسيحية، وقد جاء فى ( سفر أعمال الرسل ) 9 -26 /27
" ولما جاء شاؤول ( بولس ) الى أورشليم حاول أن يلتصق بالتلاميذ، وكان الجميع يخافونه غير مصدقين أنه تلميذ. فأخذه برنابا وأحضره الى الرسل "
وأما برنابا - الذى كان رجلاً صالحًا وممتلئًا من الروح القدس والإيمان - فهو الذى كان فى مواقف كثيرة يرسله الى التلاميذ مندوبًا عنه، وهو الذى صاحب بولس فى كثير من رحلاته التبشيرية، فما لبث أن تشاجر معه بولس ثم افترقا بعد أن تبين أن لكل منهما آراءه الخاصة فى التعاليم المسيحية والدعوة اليها.
وتشير النصوص بادئ ذى بدء الى شك التلاميذ، وريبتهم فيه، وتوجسهم منه، وتوضح صدق بصيرتهم فيه، إذ سرعان ما تشاجر مع من قدمه اليهم، وشهد له عندهم!! كما أن يعقوب - يسمونه أخ الرب - قد عارضه واتهمه بأنه يعلم الناس الباطل. وكانت نهاية بولس فى روما أثناء حريقها الشهير على يد الإمبراطور الروماني نيرون عام 64 م
انتهت قصة بولس الى هذا الحد لكن لدى ملاحظتين:
1- باعترافه شخصيًا فقد كان قبل تحوله للمسيحية شديد العداء والخصومة لها، شديد التعذيب والتنكيل بأتباعها ومعتنقيها، وإذا كان ليس من الغريب أو المستبعد أن يتحول قلب من الكفر الشديد الى الإيمان العميق، فانه من غير المتوقع أن يتحول رجل من الكفر والعداء العميق للمؤمنين وتعذيبهم والتحريض عليهم والتنكيل بهم، الى أن يؤمن، بل الى أن يصبح رسولاً ملهمًا، يوحى اليه، يكتب الرسائل وينشر الدعوة ويبشر بها.
2- غريب جدًا موقف المسيحيين المعاصرين له - باستثناء الرسل والتلاميذ - فقد آمنوا به واتبعوه ونصروه ونشروا تعاليمه، وربما يرجع ذلك الى حركته ونشاطه الجمين.
3- كانت نتيجة ما فعله بولس مشابهة تمامًا لما سبقه الى السامرى، فتن ومجمعات كنسية عديدة وتدخل من أباطرة الرومان فى شئون الكنيسة - راجع تدخل الإمبراطور الرومانى قسطنطين العظيم فى شئون الكنيسة أثناء تداولها قضية الخلاف بين آريوس وأثناسيوس وكيف استغل هذه القضية لخدمة أغراضه السياسية الخاصة - وحروب دينية، واختلافات عقدية لا زال المسيحيون يعانون منها الى الأن.
الى الفتنة الثالثة، وهى - كما تعرف فى التاريخ الإسلامى - فهى الفتنة الكبرى، ولعل آثارها ممتدة الى الأن!
كما ذكرت سابقًا..
لن يكون الكلام معادًا هذه المرة..
وسأكتفى بقول شيخ الإسلام بن تيمية فى منهاج السنة " إن دم عثمان لم يدخل فيه واحد من خيار المسلمين، وإنما قتلته طائفة من المفسدين فى الأرض من أوباش القبائل وأهل الفتن "
ورغم أن المسألة أعمق من ذلك فى رأيي الا أنى سأركز على دور بن السوداء عبد الله بن سبأ فى اثارة نيران هذه الفتنة وسنرى أن أوجه التشابه بينه وبين بولس مثيرة حقًا..!
تجمع المصادر على أن بن سبأ إنما هو يهودى صنعانى - أى من صنعاء - أسلم حديثًا فى خلافة عثمان رضى الله عنه وتبين بعد ذلك أنه إنما أسلم كى يكيد للإسلام من داخله.
سأركز هنا على أوجه التشابه بينه وبين بولس:
1- هما - فى البداية - يهوديان، ورغم أن هذه الملاحظة تحمل قدرًا لا بأس به من نظرية المؤامرة الا أنه تشابه لا يمكن اغفاله.
2- النشاط الجم.. فى الحقيقة انى أستعجب كلما أقرأ فى رحلته. بدأها بالبصرة، وفيها نزل على لص يغير على أهل الذمة بعد الجيوش ويقال له " حكيم بن جبلة "، وبعدها انتقل الى الكوفة، ومنها الى الشام، وبعد ذلك الى مصر التى أقام بها مدة طويلة نوعًا يجهز لدعوته، حتى ظهر بها فى أوخر خلافة عثمان رضى الله عنه، وكانت سببًا رئيسيًا فى مقتله. والملاحظ أيضًا أنه كان يخرج من كل قطر بفضيحة النفاق تقريبًا. ورحلته هذه تعنى أنه ذهب الى كل الأمصار الإسلامية القوية فى وقته، الا المدينة التى ذهب اليها فى نهاية رحلته بعدما جمع من الأتباع الكثيرين.
3- المبادئ الهدامة لأصول الدين الحق، وقد صاغها فى مصر مستترًا وراء الدعوة بعلى بن أبى طالب رضى الله عنه، بدلاً من عثمان بن عفان، فقال بن سبأ بالرجعة، أى رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الدنيا، وقال: نعجب ممن يزعم أن عيسى يرجع ويكذب أن محمدًا يرجع، وقد قال الله تعالى: " إن الذى فرض عليك القرآن لرادك الى معاد "، فمحمد عنده أحق بالرجوع من عيسى، فقبل ذلك عنه، ووضع لهم الرجعة فتكلموا فيها، ثم قال لهم بعد ذلك: إنه كان الف نبى، ولكل نبى وصى، وكان على وصى محمد.. محمد خاتم الأنبياء وعلى خاتم الأوصياء.. ومن أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله ،وتناول أمر الأمة وقال ان عثمان لم يكن يستحقها، وقد أخذها بغير حق، وهذا على وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانهضوا فى هذا الأمر فحركوه، وابدأو بالطعن على أمرائكم وأظهروا الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، تستميلوا الناس.
4- رفض كبار المؤمنين له: إذ أنه يروى أنه لما جاء عبد الله بن سبأ الى المدينة مظهرًا الأمان وأنه ما نزل الجزيرة - هو ومن معه - الا آمين البيت الحرام ولا ستعفاء عثمان من بعض عماله عليهم، تقابل مع بعض كبار الصحابة كعلى بن أبى طالب نفسه وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام، فرفضوا دخوله المدينة ونهوهم عما يدبرون له، ويبدو أن أهل المدينة قد تجمهروا عليهم فتظاهروا بالخروج ثم دهموا المدينة بعد ذلك بليل.
5- لا أعرف كيف كانت نهاية بولس بالظبط - وان كنت أرجح أنه مات مكرمًا - الا أن نهاية عبد الله بن سبأ كانت بشعة حقًا، فقد أمر على بن أبى طالب فى خلافته بالإمساك به واعدامه حرقًا، بعد أن تأكد أنه هو سبب الفتنة والمحرض الرئيسى عليها. الغريب أن هذا لم يردع بن السوداء عما يفعله وقد قال لعلى لحظة اعدامه: إنك لابد إله، لأنه لا يحرق بالنار الا الإله!
وكان هذا متأخرًا فى الواقع، الغريب هنا أن مصيره لم يكون كمصير السامرى وبولس، وان كنت ارجح أنه كان لابد أن يقتل لأن الاسلام هو الدين الأخير، فلا يصح أن يبقى هذا المأفون ينشر سمومه طويلاً.
6- كانت النتيجة هى ذاتها التى انتهت اليها كل فتن الأمم السابقة - من أسف - فقد انقسم المسلمون، وظهر بعد ذلك الخوارج والشيعة وكان لزامًا على الدولة الأموية أن تنفق عمرها كله تقريبًا فى محاولات لاسكات الفتن التى اشتعلت فى جميع أنحاء العالم الإسلامى، وقد نجحت فى ذلك الا أن هذا كان السبب الرئيسى فى استنزافها ونهايتها. ولا زلنا حتى الأن نعانى مما فعله بن السوداء حين تظهر بين الحين والأخر فتنة سنية شيعية.
الخلاصة:
مما سبق تبدو الفتنة وكأنها قدر الهى، حكم واجب النفاذ، سنة كونية، وربما يشير اليها الله تعالى حين يقول:
" أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون "
ولم يكن الصحابة رضوان الله عليهم، ولا حواريي عيسى عليه السلام، ولا أتباع موسى عليه السلام استثناءًا من هذه القاعدة، بل كان ما حدث لهم تأكيدًا لها وعليها.
وأرى أنه يجب أن نتعامل معها على هذا الأساس، فلا شئ نخجل منه، ولم يقل أحد أن الصحابة كانوا مجموعة من الملائكة، أو الرسل لا ينطقون عن الهوى، بل كانوا بشرًا، وعلى هذا الأساس تعامل معهم الله وصنفهم كل حسب طريقة تعاطيه مع الفتنة.
وأرى أيضًا أنه - ما دامت الفتنة مستمرة الى الأن - فهى أيضًا اختبار لنا، كى ينظر الله ماذا نفعل..
هل ننصر الإسلام؟
أم ننتصر لنزعاتنا وتعصباتنا الشخصية؟!

ليست هناك تعليقات: